«حوار خاص».. الدكتورة رهام عبد الله تكشف جهود مرصد الأزهر لمكافحة التطرف في مواجهة المنظمات الإرهابية (ا-2)
المرصد هو عين الأزهر الشريف الناظرة على العالم
رسالتنا إظهار وسطية الإسلام وبث روح الأخوة الإنسانية والتسامح والاعتدال
لدينا 13 وحدة لغات ترصد وتفند وترد على الأفكار المتطرفة حول العالم
طلاب 138 دولة حول العالم يدرسون في الأزهر الشريف لتعلُّم وسطية الإسلام
تنظيم داعش استخدم أساليب دعائية مؤثرة واستقطب عشرات الآلاف من الشباب
نرصد الأفكار المتطرفة ونرد عليها بالحجة لتحصين الشباب من براثن الإرهاب
40 ألف مقاتل انضموا إلى تنظيم الدولة من أوروبا فقط
أفغانستان وبعض مناطق باكستان تمثل حاضنة الفكر المتطرف عالميًا
الجهل بالدين والفقه السبب الرئيس في نمو الفكر المتطرف والإرهاب
في عالم انتشر فيه الإرهاب، والقتل والدمار، وبرزت جماعات تدّعي انتسابها إلى الإسلام فعمدت إلى استغلال الدين في الترويج لأفكارها المتطرفة والخبيثة، والتي أضحت صورة سلبية ضد هذا الدين القويم، الذي بني على السلام متخذّا منه اسمًا وفكرًا ومعتقدًا.
ولعل مواجهة الإرهاب هي أمر سهل نسبيًا وتكون بالحروب العسكرية التي تدمر البلدان وتشرد الشعوب؛ غير أن مواجهة الأفكار المتطرفة التي هي نواة وبذرة الإرهاب هي المهمة الأكثر صعوبة، والتي يجب أن يتم تسليط الضوء عليها لضمان عدم إنبات جماعات الظلام، ورايات الإرهاب التي تعصف بالشعوب العربية والإسلامية؛ وعلى ما تقدم كان لنا هذا الحوار المهم مع الأستاذة الدكتورة رهام عبد الله سلامة المدير التنفيذي لمرصد الأزهر لمكافحة التطرف، والتي كشفت لنا دور المرصد وآلية عمله في رصد وتفنيد والرد على الأفكار المتطرفة حول العالم في دور هو من أهم أدوار الأزهر الشريف الذي يعد حصن الإسلام والدين في مصر والعالم العربي والإسلامي، وإلى نص الحوار:-
بداية حدثينا عن نشأة المرصد وصاحب فكرته وما هي رسالته وأهدافه؟
نشأة المرصد كفكرة جالت بخلد فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، والذي عمد إلى تدشين المرصد مطلع يونيو من العام 2015، في إطار رؤيته العالمية لتعظين رسالة الأزهر الشريف باعتباره منارة الوسطية الإسلامية حول العالم، وترسيخًا لتعاليم الدين الحنيف، وبث روح التسامح، والاعتدال، وكذا روح الأخوة الإنسانية لبناء السلم المجتمعي عالميًا.
على ما تقدّم؛ ماذا عن طبيعة عمل المرصد في مكافحة التطرف؟
المرصد هو من الأجهزة المعنية بمكافحة التطرف الفكري؛ عبر رصد تلك الأفكار المتطرفة ومتابعتها وتحليلها وتفنيدها والرد عليها وهو عين الأزهر الناظرة على العالم كما وصفه فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف.
والأزهر بتاريخه الممتد إلى ألف سنة في جذور التاريخ يبث العلم والتنوير والتثقيف وكان هدف فضيلة الإمام الأكبر عند افتتاح المرصد أن ينفتح الأزهر على العالم ويتابع كافة الثقافات ويعتمد على أولاده من دارسي اللغات بكليات الأزهر المتخصصة، متمكنين من اللغة وأدواتها ومتمكنين من دينهم ومتفقهين فيه، وعند ما ظهر تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام –داعش- أواخر 2013 ومطلع 2014، وأطلقت على نفسها أنها دولة الإسلام رغم أنها أضرت بالدين الإسلامي أيما ضرر.
وأصدر تنظيم داعش مجلات باسم: دابق ودار الإسلام وباللغات المختلفة وذلك بهدف الوصول للآخر واستقطابه والتأثير عليه وكسب مؤيدين والتوسع في الدول العربية والإسلامية بهدف إعلان الخلافة الإسلامية؛ فكانت فكرة الإمام بإنشاء المرصد، لمعرفة كيف يفكر عدونا ومعرفة لغته وتكتيكاته، ومساره، بهدف حماية العامة من الوقوع في براثن الإراهاب والفكر والمتطرف، وكذا تفكيك هذا الفكر فجاءت فكرة إنشاء المرصد.
ماذا عن آلية العمل داخل المرصد لمواجهة وتفنيد الأفكار المتطرفة؟
لدينا في المرصد الآن 13 وحدة تعمل على رصد وتفنيد والرد على الأفكار المتطرفة إلى جانب بث ثقافة الحوار وترسيخها وإعلاء قيم التسامح وإماطة الصورة السلبية عن الإسلام كدين السلام والتعاون والإخاء، وكذا تفكيك تلك الأفكار المتطرفة بالبحوث والتقارير المتخصصة لكشف زيفها وتقديم الصورة الحقيقية للدين الإسلامي ورؤيته للتعايش مع الآخر وإقامة دولة العدل والمساواة.
وبدأنا بـ 7 لغات أجنبية ثم توسعنا لإضافة عدة لغات أخرى وشملت تلك اللغات مجتمعة حتى الآن 13 لغة هي:
العربيةُ، والإنجليزيةُ، والفرنسيةُ، والإسبانيةُ، والألمانيةُ، والصينيةُ، والتركيةُ، واللغاتُ الإفريقيةُ، والإيطاليةُ، والأرديةُ، والفارسيةُ، والعبريةُ، واليونانيةُ، وأصبح الأزهر الآن يتحدث بكل لغات العالم كيف لا، ونحن لدينا 40 ألف طالب وطالبة يدرسون في جامعة الأزهر من كل دول العالم تقريبًا بنحو 138 دولة.
ماذا عن دور المرصد عالميًا في إبراز جهود الأزهر لتحقيق السلام والتعايش بين الشعوب؟
لدينا جهود مختلفة حول العالم فقد قمنا بتقديم نحو 100 دورة تدريبية، إلى جانب المشاركة في نحو 170 فعالية محلية ودولية منها فعاليات منظمة الأمم المتحدة، كما استقبلنا وفودًا لشخصيات سياسية وفكرية ودينية وعسكرية قاربت على 300 وفد على مدار عمر المرصد الذي اقترب من إطفاء شمعته التاسعة.
حدثينا عمّا رصدتموه من أفكار متطرفة وأي المناطق حول العالم تعد حاضنة تلك الأفكار ومنبعها؟
لدينا دراساتنا المتخصصة حول العالم ونرصد كل ما يحدث عالميًا، وحتى على الساحة الفلسطينية، وتكون المخرجات في صورة فيديوهات ومجلات باللغة العربية والإنجليزية والفرنسية، كما نرصد فتاوى الحاخامات اليهود، ونرد عليها ونفندنها باعتبارها من الأفكار المتطرفة، ودور المرصد أصبح عالميًا ويصل لكل بقاع الأرض
والمرصد أيضًا يشارك في قنوات مختلفة في الداخل وفي الخارج للتوعية بدوره في مكافحة الفكر المتطرف وتفنيده والقضاء عليه، أمّا عن البيئة الحاضنة للفكر المتطرف فرصدنا بشكل عام السياقات الأكثر عرضة للتطرف وهم من العامة الذين لا يفهمون دينهم بشكل صحيح، ومن لديهم اندفاع عاطفي كبير لخدمة الدين ينجذبون لهذه الأفكار مثل أفغانستان وبعض المناطق في باكستان، كما أن داعش لم تستقطب الناس من دولة معينة بل طرحت خطابًا عامًا ونجحت في حشد 40 ألف مقاتل من أوروبا فقط، فكل المجتمعات عرضة للانجذاب لهذه الأفكار وسدس المنضمين لداعش من أوروبا كانوا من النساء وتركوا حياة الرفاهية في أوروبا وذهبن إلى سوريا والعراق في حياة صعبة ومليئة بالحروب.
برأيك كيف نجح ذلك التنظيم المتطرف في استقطاب تلك الأعداد الضخمة وبث سمومه في الوطن العربي والعالم؟
استخدم تنظيم داعش أساليب دعائية مثل أن دولة الخلافة المزعومة هي الأرض الإسلامية الطاهرة وأن من يأتي إليها سيدخل الجنة وينجو من النار، وسيمكن لحكم الله في الأرض، وهناك دول عربية تصدرت المنضمين لداعش من الشباب 16 عامًا فما فوق، والآن تنظيم داعش غير موجود باستثناء بعض خلايا في إفريقيا، وحتما سيموت هذا التنظيم، ولكن دورنا هو محاربة فكرهم حتى لا ينبت من جديد.