تعزيز الأمن الحدودي.. بريطانيا تستضيف القمة الدولية لمكافحة الهجرة غير الشرعية

في خطوة غير مسبوقة لمعالجة أزمة الهجرة غير الشرعية، تستضيف بريطانيا، اليوم الاثنين، قمة دولية يشارك فيها أكثر من 40 دولة، من بينها الولايات المتحدة، فيتنام، العراق، وفرنسا، بهدف وضع إستراتيجية جديدة لمكافحة جرائم تهريب البشر وتعزيز التعاون في تأمين الحدود.
نهج جديد لمكافحة تهريب البشر
أعلنت الحكومة البريطانية أن القمة ستركّز على استخدام جميع الوسائل المتاحة لتعزيز جهود تقديم العصابات الإجرامية إلى العدالة، والحد من استغلال الفئات الضعيفة، ومعالجة الأسباب الجذرية للهجرة غير الشرعية. ولأول مرة، سيتم استكشاف جميع العوامل المؤثرة في هذه الظاهرة، بدءًا من شبكات تمويل العصابات وصولًا إلى دور وسائل التواصل الاجتماعي في ترويج الهجرة غير النظامية.
وتشارك في القمة كبرى شركات التكنولوجيا مثل "ميتا"، "إكس"، و"تيك توك"، لمناقشة كيفية التصدي للمحتوى الإلكتروني الذي يروّج لرحلات الهجرة غير القانونية، مما يعكس بُعدًا جديدًا في مكافحة هذه الظاهرة.
إضافة إلى ذلك، ستركّز المناقشات على دور مركز الأمن البحري المشترك (JMSC) في دعم الولايات المتحدة من خلال توفير تقنيات مراقبة بحرية متطورة لرصد السفن المتورطة في تهريب البشر والمخدرات قبالة سواحل هايتي.
إجراءات صارمة وتحركات قانونية
على الصعيد الداخلي، عززت بريطانيا حملتها ضد التهريب من خلال اعتقالات استهدفت زعماء شبكات التهريب، بما في ذلك تفكيك جماعة إجرامية سورية مسؤولة عن تهريب 750 مهاجرًا إلى أوروبا، والقبض على مواطن تركي يُشتبه في كونه المورد الرئيسي للقوارب الصغيرة، إضافة إلى اعتقالات في بلجيكا وويلز ضمن عمليات كبرى ضد شبكات تهريب دولية.
وفي هذا السياق، أعلنت وزيرة الداخلية البريطانية إيفيت كوبر عن تخصيص 30 مليون جنيه إسترليني (38 مليون دولار) لتمويل عمليات أمن الحدود، إلى جانب 3 ملايين جنيه إسترليني (3.88 مليون دولار) لتعزيز قدرة هيئة الادعاء الملكية على مقاضاة مهربي البشر وتوسيع نطاق التعاون الدولي في تعقبهم واعتقالهم.
كما أبدت الحكومة نيتها في تشديد قواعد تأشيرات الدراسة والعمل للحد من إساءة استخدامها كوسيلة للوصول إلى بريطانيا ثم طلب اللجوء، إضافة إلى مراجعة المادة 8 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان فيما يتعلق بالهجرة.
التعاون الدولي: ركيزة أساسية لمكافحة الهجرة غير الشرعية
يؤمن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر بأن التصدي للعصابات الدولية لا يمكن تحقيقه إلا من خلال التعاون عبر الحدود، مشددًا على أهمية توحيد الموارد وتبادل المعلومات الاستخباراتية والتكتيكات الأمنية. ومن المتوقع أن يصرّح خلال القمة:
"الهجرة غير الشرعية ليست أزمة تخص دولة واحدة، بل هي تجارة إجرامية تستغلّ الفجوات القانونية بين الأنظمة المختلفة، ما يستوجب استجابة دولية موحدة وحاسمة."
بريطانيا كقوة محركة في مكافحة الهجرة المنظمة
تسعى بريطانيا إلى لعب دور محوري في تعطيل شبكات الهجرة غير الشرعية عالميًا، إذ تشير التقديرات إلى أن إجمالي الدخل العالمي من تهريب المهاجرين بلغ 10 مليارات دولار في العام الماضي.
وتُستخدم أساليب إجرامية معقدة، تشمل شبكات مالية غير مشروعة، وتقنيات إلكترونية متطورة، وإساءة استغلال الخدمات القانونية، ما يستدعي تشديد العقوبات وتعزيز الجهود الاستخباراتية.
إجراءات مشددة داخل بريطانيا وأوروبا:
زيادة سلطات إنفاذ القانون لتعقب المهربين ومصادرة معداتهم.
تكثيف عمليات الإبعاد وإنهاء استغلال المهاجرين غير الشرعيين.
تعاون ألماني بريطاني لتشديد القوانين ضد مهربي البشر.
تأسيس فرقة عمل بريطانية-إيطالية لتعقب التدفقات المالية المرتبطة بالتهريب.
تعزيز موارد الوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة، ما أدى إلى مصادرة 600 قارب ومحركاتها منذ يوليو الماضي.
نحو استجابة عالمية موحدة
تهدف القمة إلى الخروج بنتائج ملموسة تشمل تحسين تبادل المعلومات الاستخباراتية، تعزيز التعاون الأمني بين الدول، وفرض قيود أكثر صرامة على العصابات الإجرامية العابرة للحدود. كما تسعى إلى إعادة رسم سياسات الهجرة بما يوازن بين حماية الحدود والالتزامات الإنسانية تجاه اللاجئين.
وتعكس هذه القمة التزام بريطانيا بقيادة الجهود الدولية لمكافحة الهجرة غير الشرعية عبر نهج شامل يجمع بين التشريعات الأمنية، المراقبة البحرية، التكنولوجيا الحديثة، والتعاون الاستخباراتي. ومع تصاعد التوترات السياسية حول هذه القضية، تبقى قدرة الدول على تنسيق جهودها وتوحيد استراتيجياتها العامل الحاسم في معالجة التهديد العالمي للهجرة غير الشرعية.