ليتوانيا وبريطانيا تؤكدان استعدادهما لنشر قوات في أوكرانيا لحمايتها

مع استمرار الحرب في أوكرانيا واحتدام النقاش حول مستقبل الدعم العسكري لكييف، أعلن الرئيس الليتواني جيتاناس ناوسيدا أن بلاده مستعدة لإرسال قوات عسكرية إلى أوكرانيا بعد التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار. وفي تصريح لوكالة "بلومبرج" الجمعة، أكد ناوسيدا أن ليتوانيا ملتزمة بدعم كييف، لكنها تنتظر التزاماً مشتركاً من جميع دول التحالف الغربي لتنفيذ هذه الخطوة.
التوجه الأوروبي نحو نشر قوات لحفظ السلام في أوكرانيا
أكد الرئيس الليتواني أن موقف بلاده يأتي في إطار "تحالف الراغبين"، الذي يجمع دولاً أوروبية تعمل على تقديم الدعم العسكري واللوجستي لأوكرانيا. كما أشار إلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب لديه "نية صريحة" لإنهاء الحرب المستمرة منذ ثلاث سنوات، لكنه حذر من أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "يحاكي المفاوضات"، بينما يواصل هجماته العسكرية على الأراضي الأوكرانية، ما يعرقل جهود السلام.
وفي السياق نفسه، برزت بريطانيا كأحد أبرز الدول الأوروبية التي تدرس إمكانية نشر قوات برية في أوكرانيا كجزء من اتفاق مستقبلي لحفظ السلام. ورغم أن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر لم يكرر بشكل واضح التزامه السابق بإرسال قوات بريطانية إلى أوكرانيا، إلا أن أحد كبار وزرائه أكد استمرار المناقشات بهذا الشأن.
التزام بريطاني متواصل رغم الغموض في التصريحات
قال وزير الطاقة البريطاني إيد ميليباند، الجمعة، لقناة "سكاي نيوز"، إن موقف بلاده بشأن نشر قوات لحفظ السلام لم يتغير، مؤكداً أن الحكومة لا تزال تناقش التفاصيل العملياتية والعسكرية لضمان وقف إطلاق النار وحماية الشعب الأوكراني. وشدد على أن تصريحات رئيس الوزراء ستارمر لا تعني التخلي عن الفكرة، بل إن الحكومة تركز جهودها على التخطيط الأمني والعسكري لمرحلة ما بعد وقف إطلاق النار.
موقف روسيا الرافض لقوات حفظ السلام من "الناتو"
من جهة أخرى، ترفض روسيا بشكل قاطع نشر أي قوات حفظ سلام تابعة لحلف شمال الأطلسي (الناتو) في أوكرانيا ضمن أي اتفاق مستقبلي لإنهاء الحرب. وكانت هذه المسألة قد طُرحت لأول مرة في ديسمبر الماضي عندما دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى تشكيل قوة أوروبية لحفظ السلام في أوكرانيا، وهي الفكرة التي لاقت دعماً من بريطانيا أيضاً. ومع ذلك، تظل موسكو تعتبر مثل هذه الخطوة بمثابة "تصعيد خطير" قد يزيد من التوترات بدلاً من إنهاء النزاع.
تداعيات محتملة على مستقبل الحرب في أوكرانيا
يأتي هذا الجدل في وقت تواجه فيه أوكرانيا ضغوطاً متزايدة لاستعادة السيطرة على بعض المناطق التي فقدتها لصالح القوات الروسية، وسط تصعيد عسكري على الأرض وتباين في مواقف الحلفاء الغربيين حول كيفية إدارة المرحلة المقبلة. كما أن أي نشر لقوات غربية في أوكرانيا، حتى في إطار "حفظ السلام"، قد يُنظر إليه على أنه تدخل مباشر في الحرب، مما يزيد من احتمالات رد فعل روسي قوي.
السيناريوهات المحتملة
مع استمرار النقاش حول نشر قوات أوروبية في أوكرانيا، فإن هناك عدة سيناريوهات قد تتشكل خلال الأشهر المقبلة:
إبرام اتفاق لوقف إطلاق النار: في حال نجاح الجهود الدبلوماسية، قد يتم تشكيل قوة حفظ سلام دولية بمشاركة محدودة من دول أوروبية خارج "الناتو" لتجنب إثارة روسيا.
تصعيد روسي في مواجهة أي وجود عسكري أجنبي: قد يؤدي أي نشر لقوات غربية إلى تصعيد عسكري روسي ضد أوكرانيا، مما يعقّد فرص التوصل إلى اتفاق سلام.
زيادة الدعم العسكري الغربي دون تدخل مباشر: قد يركز "تحالف الراغبين" على تعزيز القدرات العسكرية الأوكرانية دون نشر قوات مباشرة، في محاولة لتحقيق توازن بين دعم كييف وتجنب التصعيد مع موسكو.
مستقبل الدعم العسكري الأوروبي لكييف
يبقى موقف الدول الأوروبية، مثل ليتوانيا وبريطانيا، في إطار دراسة الخيارات المتاحة لدعم أوكرانيا في مواجهة روسيا، لكن القرارات النهائية ستعتمد على التطورات السياسية والميدانية خلال الفترة المقبلة. وبينما تسعى واشنطن والعواصم الأوروبية إلى إيجاد حل سياسي للحرب، فإن الدعم العسكري المستمر لكييف، سواء عبر إرسال قوات أو زيادة الإمدادات، سيظل عاملاً حاسماً في تحديد مسار الصراع.