واشنطن تقترب من اتفاق استراتيجي مع أوكرانيا لاستغلال المعادن النادرة

اقتربت الولايات المتحدة من توقيع اتفاق استراتيجي مع أوكرانيا يهدف إلى استغلال احتياطياتها من المعادن الأرضية النادرة، في خطوة تعكس سعي واشنطن إلى تأمين موارد حيوية لتعزيز صناعات التكنولوجيا والدفاع، مع ربط الدعم الأمريكي بمصالحها الاقتصادية.
الاتفاق في سياق الصراع الروسي الأوكراني
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال مؤتمر صحفي في البيت الأبيض أن المفاوضات مع كييف أحرزت تقدماً، مشيراً إلى أن المعادن الأرضية النادرة تُعد أحد المحاور الرئيسية في المحادثات بين الجانبين.
ويُنظر إلى الاتفاق باعتباره شراكة استراتيجية تمنح أوكرانيا دعماً اقتصادياً وعسكرياً، مقابل منح الولايات المتحدة حق الوصول إلى هذه الموارد التي تُعد ضرورية لتصنيع أشباه الموصلات، والبطاريات المتقدمة، وتكنولوجيا الدفاع.
المساعدات مقابل الموارد
منذ عودته إلى البيت الأبيض في يناير الماضي، تبنّى ترامب نهجاً أكثر تشدداً فيما يتعلق بالمساعدات الخارجية، حيث جعل أي دعم عسكري أو اقتصادي لأوكرانيا مشروطاً بضمان وصول الولايات المتحدة إلى مواردها الطبيعية، وهو ما يعكس مقاربة اقتصادية صارمة تربط بين السياسة الخارجية والمصالح الاستراتيجية.
كان من المقرر أن يتم توقيع الاتفاق في أواخر فبراير، لكن المحادثات التي جرت بين ترامب والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في المكتب البيضاوي شهدت توترات حادة، حيث غادر زيلينسكي الاجتماع بشكل مفاجئ، ما أدى إلى إلغاء مراسم التوقيع.
ووفق مصادر أمريكية، فإن الخلافات تعود إلى شروط ترامب الصارمة، حيث طالب بضمانات طويلة الأجل تتيح للشركات الأمريكية حقوقاً حصرية في استغلال المعادن الأوكرانية، وهو ما رفضه الجانب الأوكراني.
انعكاسات الاتفاق المحتمل على المشهد الدولي
إذا تم التوصل إلى اتفاق، فقد يشكل ذلك تحولاً كبيراً في علاقة واشنطن بكييف، حيث سيؤدي إلى تعزيز الاستثمارات الأمريكية في قطاع التعدين الأوكراني، مما قد يدعم الاقتصاد الأوكراني، لكنه في الوقت ذاته قد يُثير حساسيات سياسية ودبلوماسية، خاصة مع الدول الأوروبية الداعمة لأوكرانيا والتي قد ترى في هذه الخطوة تقويضاً لجهود الدعم الجماعي لصالح المصالح الأمريكية.
مخاوف أوروبية ودلالات استراتيجية
يرى المحللون الأوروبيون أن ربط المساعدات الأمريكية بالمصالح الاقتصادية قد يُضعف جبهة الدعم الغربي الموحد لأوكرانيا، ما قد يؤدي إلى تباينات في مواقف الحلفاء داخل حلف الناتو.
من جانب آخر، قد تستغل روسيا هذا الانقسام في محاولة لإضعاف الدعم الأمريكي لكييف، خاصة إذا استمر التوتر بين ترامب وزيلينسكي، ما يضيف بُعداً جديداً للأزمة الأوكرانية.
فرص وتحديات
بينما يُمثل الاتفاق فرصة لتعزيز الشراكة الاقتصادية بين واشنطن وكييف، فإن الشروط الأمريكية المشددة قد تؤدي إلى تفاقم التوترات بين الحلفاء، مما يجعل هذا الملف إحدى القضايا الأكثر حساسية في السياسة الخارجية الأمريكية خلال المرحلة المقبلة.