التضامن التاريخي بين جنوب إفريقيا وفلسطين في مواجهة الاحتلال والفصل العنصري
تربط جنوب أفريقيا وفلسطين تاريخ طويل من التضامن والتعاون في مواجهة الاحتلال والفصل العنصري؛ وعانى الشعبان في البلدين لفترة طويلة من القمع والتمييز العنصري على يد نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، والاحتلال الإسرائيلي لفلسطين.
وتطورت العلاقة بين الطرفين منذ الخمسينيات والستينيات وأصبحت تحالفًا استراتيجيًا في مواجهة العدو المشترك، إسرائيل.
البداية في الخمسينيات
بدأت العلاقة بين جنوب إفريقيا وإسرائيل في الخمسينيات والستينيات بشكل ملتبس. في عام 1947، صوتت جنوب إفريقيا لصالح قرار تقسيم فلسطين، واعترفت بسرعة باستقلال إسرائيل في عام 1948.
كان ذلك نتيجة لتشابه وجهات النظر بين النظامين العنصريين في البلدين. ومع ذلك، أثارت محاولات إسرائيل التقرب من الدول الأفريقية من خلال انتقاد الفصل العنصري غضب رئيس الوزراء العنصري في جنوب أفريقيا هندريك فيروارد، الذي اتهم إسرائيل بأنها دولة فصل عنصري أيضًا.
نقطة تحول حاسمة في 1967
وشكل احتلال إسرائيل للأراضي العربية عام 1967 نقطة تحول حاسمة في العلاقة بين البلدين. أدى هذا الاحتلال إلى عزلة إسرائيل ونظرة سلبية من الكثير من الدول الإفريقية التي اعتبرتها دولة استعمارية، بينما زاد إعجاب العنصريين البيض في جنوب إفريقيا بها. وبعد حرب عام 1973، قطعت معظم الدول الأفريقية علاقاتها مع إسرائيل، مما دفع الأخيرة إلى تعميق تحالفها مع نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا.
التعاون العسكري والاستخباراتي
وتطور التقارب بين النظامين العنصريين إلى تعاون عسكري واستخباراتي واسع النطاق خلال السبعينيات والثمانينيات. وقدمت إسرائيل مساعدة جنوب أفريقيا بتطوير برامجها النووية والصاروخية، في حين قدمت جنوب إفريقيا خبرتها في مجال الأمن وقوات الدفاع إلى إسرائيل. كان هناك تبادل للمعلومات والتكتيكات بين البلدين في مجال مكافحة الإرهاب والاستخبارات.
النضال المشترك
وعانى الشعبان في البلدين من قمع الأنظمة الاستعمارية والعنصرية. وقد استوحى النضال الفلسطيني من النضال الجنوب أفريقي ضد الفصل العنصري. تبادل النشطاء والمنظمات بين البلدين الخبرات والتجارب في مجال النضال من أجل الحرية والمساواة. وساهمت هذه التجارب المشتركة في تعزيز الوعي العالمي بقضايا العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم.
دعم الجماهير والحكومات
وأظهرت الجماهير في جنوب أفريقيا دعمها القوي للقضية الفلسطينية ومعارضتها للاحتلال الإسرائيلي. ومنحت الحكومة الجنوب أفريقية الدعم السياسي والدبلوماسي للفلسطينيين وأصبحت من أبرز الدول المؤيدة لإقامة دولة فلسطينية مستقلة وعضوية فلسطين في الأمم المتحدة.
ما بعد الفصل العنصري وتأثيره على العلاقة
مع نهاية نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا في أواخر الثمانينيات وبداية التسعينيات، تغيرت الديناميكية في العلاقة بين البلدين. وأصبحت جنوب أفريقيا تركز على بناء نموذج جديد قائم على المساواة والعدالة الاجتماعية داخل البلاد وفي العالم. على الرغم من ذلك، استمرت الروابط والتضامن بين الشعبين في النضال ضد الظلم والاستعمار والاحتلال.
التضامن المستمر
وما زالت هناك علاقة تضامن قوية بين جنوب أفريقيا وفلسطين. ويستمر الشعبان في البلدين في تبادل الزيارات والدعم المتبادل. كما يعمل النشطاء والمنظمات في كلا البلدين سويًا لنشر الوعي والتضامن ودعم قضايا العدالة وحقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم.