العالم يترقب ساعة الصفر.. بقلم محمود نفادي
يترقب العالم كله، شرقًا وغربًا، شمالًا وجنوبًا، وعربًا ومسلمين، ساعة الصفر المرتقبة لبدء الاقتحام العسكري البري من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي لمدينة رفح الفلسطينية المكتظة بالسكان، والبالغ عددهم نحو مليون ونصف المليون فلسطيني، نزحوا من مختلف مناطق قطاع غزة بسبب العدوان الوحشي والبربري الإسرائيلي على هذه المناطق منذ السابع من أكتوبر الماضي ولا يزال مستمرًا حتى الآن.
العالم يترقب بقلق بالغ تنفيذ "بنيامين نتنياهو" رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيل الإرهابي المجرم الملطخة يداه بدماء أطفال ونساء وشيوخ غزة، تهديده باقتحام رفح مهما كان الثمن دون أن يبالي بأية تهديدات حتى من الصديق والحليف الأول له وهي الولايات المتحدة الأمريكية.
ومن المؤكد، أن "نتنياهو" سوف ينفذ تهديده وسوف يقتحم جنوب قطاع غزة، وسوف يقتحم رفح الفلسطينية المتاخمة للحدود المصرية ساعيًا إلى تحقيق أي انتصار في الحرب التي يخوضها على قطاع غزة وشعبها وأطفاله وشيوخه ونسائه منذ السابع من أكتوبر دون أن يحقق أي نصر يذكر حتى الآن.
وفي الوقت الذي يترقب فيه العالم ساعة الصفر، يترقب، أيضا ردود الفعل العالمية بصفة عامة، ورد الفعل المصري بصفة خاصة؛ نظرًا لأن اقتحام رفح الفلسطينية سوف تكون له عواقب وخيمة على المنطقة بأسرها، وعلى الصراع الدائر حاليًا، وسيكون هذا بمثابة اتساع لنطاق الصراع الدائر في المنطقة، والذي حذرت منه الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وما زالتا حتى الآن تطلقان التحذيرات.
فمن الواضح، أن مصر لن تقف مكتوفة الأيدي، ولن يكون رد فعلها مقتصرًا على التصريحات والبيانات، ولكن سيكون بأفعال، وأفعالًا قوية سيكون لها تأثير كبير على الاحتلال الإسرائيلي وعلى منطقة الشرق الأوسط.
وفي مقدمة ردود الفعل المصرية المتوقعة:- تجميد العمل بمعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية الموقعة عام 79، لتكون هذه المرة الأولى التي تقدم مصر فيها على تجميد المعاهدة وملاحقها، وما سيترتب على هذا التجميد من أمور أخرى سياسية، ودبلوماسية، وعسكرية، لن تستطيع إسرائيل تحملها.
ومن المؤكد أيضًا، أن مصر سوف تتخذ إجراءات أخرى، قد يكون منها تجميد الوساطة المصرية، ووقف أي جهود للوساطة في المفاوضات بين الاحتلال الإسرائيلي وحركة المقاومة الفلسطينية حماس، أو استضافة أي اجتماعات للتفاوض حول الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة الفلسطينية.
ومما لا شك فيه، أن مصر تملك أوراقًا أخرى للرد على هذا الجنون الإسرائيلي، ولكنها لن تعلن عنها إلا في الوقت المناسب، وربما تكون ساعة الصفر لاقتحام رفح أيضًا، ساعة الصفر لبدء حرب عالمية جديدة في منطقة الشرق الأوسط تمتد إلى العالم أجمع، بسبب جنون نتنياهو وغيبوبة بايدن، وصمت قادة أوروبا، وانشغال بوتن بحربه مع أوكرانيا.
ولعل زيارة "وليام بيرنز" مدير الاستخبارت الأمريكية للقاهرة يوم الثلاثاء يكون هدفها نزع فتيل هذه الأزمة بسبب جدية تهديدات نتنياهو، وأيضا جدية وقوة التحذيرات المصرية. وأيضا، في ظل ما ذكرته وسائل الإعلام الأمريكية، نقلا عن مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين، من أن "بيرنز" سيعقد لقاءات مع المسؤولين المصريين تتعلق بجهود إطلاق مفاوضات بشأن اتفاق جديد لضمان إطلاق سراح الرهائن المتبقين لدى حماس فى غزة، وفقا لما نقل عن مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين.
ولا أعتقد أن هناك داعيًا كي يختبر نتنياهو صبر مصر. "فلكل مقام مقال"، وإذا كانت مصر حتى الآن، تترك المجال للتحركات الدبلوماسية، أملا في تحكيم القوى الكبرى لضمائر ساستها، ومسؤوليها والاحتكام إلى العقل، فإنها قد تجد نفسها مدفوعة دفعًا إلى اتخاذ خطوات يمليها عليها ضمير قادتها دفاعًا عن شعب أعزل، ينكل به من كل صوب، ويزدريه الغرب، ويميته جوع، وبرد، بل ويبذل الغرب عديم الرحمة كل جهد ليمنع وصول الطعام والشراب إليه من قبل أياد كريمة تريد إغاثته.