ما حكم سماع الأغاني؟ النبي ﷺ يُجيب
نسعى في «اتحاد العالم الإسلامي» إلى نشر التوعية الدينية بكل الأمور الشرعية؛ وعليه نخصص قسم «فتاوى إسلامية» للإجابة على أسئلة المسلمين الشرعية، والمختلفة.
ونستعرض في موقع «اتحاد العالم الإسلامي» من خلال حرصنا على تناول القضايا الدينية التي تمس حياة الملايين من المسلمين، وتدور بين ما يجول بخاطرهم من استفسارات حول أحكام الشريعة؛ وفي إطار حرصنا على تلبية احتياجات القرَّاء، والرد على استفساراتهم من خلال المعلومات الموثقة، والمعتمدة من الجهات الدينية الرسمية، انطلاقًا من دورنا الإعلامي التوعوي، والتثقيفي، ومنها امرأة تسأل: ما حكم سماع الأغاني والاستماع إليها وما هي النصيحة لمن يسمع الأغاني؟
وقد تحتاج عزيزي القارئ، إلى مطالعة هذا الموضوع المهم، لتنمية ثقافتك الدينية، أو لتساهم معنا في بث العلم النافع، ونشره؛ في إطار الدور الإيجابي، والمساهمة الفاعلة في تنمية المجتمع، ونشر صحيح الدين.
وفي فتاوى الإمام ابن باز، قال: إن الأغاني قد ابتُلي بها الناسُ اليوم، وكثرت بين الناس: في الإذاعات، والتلفاز، وفي الأشرطة، وفي غير ذلك من أنواع التسجيل، ولا شكَّ أنها خطرٌ عظيمٌ، وأنها بلاءٌ كبيرٌ، ومن أسباب وقوع الفواحش، وظُلمة القلوب وحيرتها، وإقبالها على الفواحش، وثُقلها عن الطاعات، فالواجب الحذر منها، وعدم استماعها، فإنها رُقية الزنا، وقُرآن الشيطان، فيجب الحذر من شرِّها.
وأكمل ابن باز، في فتواه: قال الله جلَّ وعلا: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) [لقمان:6- 7]، قال أكثرُ أهل العلم من المُفسرين وغيرهم: إنَّ لهو الحديث هو الغناء، وأنه يصدُّ عن سبيل الله، ولهذا قال: (لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ)، قُرئ: لِيُضِلَّ، وقُرئ: لِيَضَلَّ.
ودلَّت الآيةُ الكريمة على أنَّ الغناء من أسباب الضَّلال عن سبيل الله والإضلال، ومن أسباب اتِّخاذ سبيل الله هزوًا، ومن أسباب الاستكبار عن سماع القرآن، وهذه مصائب كثيرة، ومصائب عظيمة: الضَّلال والإضلال، واتِّخاذ آيات الله هزوًا، والتثاقل والاستكبار عن سماع القرآن، فهذه ثلاث مصائب ذكرها، ثلاث مصائب عظيمة، ثلاث عقوبات، فيجب الحذر من هذا البلاء العظيم.
الدليل من حديث النبي ﷺ
وصحَّ عن رسول الله ﷺ أنه قال: ليكوننَّ من أمتي أقوامٌ يستحلُّون الحِرَ والحريرَ والخمرَ والمعازفَ أخرجه البخاري في "الصحيح"، وخرجه جماعةٌ آخرون.
وبيَّن النبي ﷺ أنه يكون في آخر الزمان قومٌ -وقد وقع هذا من أزمان طويلة، وهو من علامات النبوة- يستحلُّون الحِرَ والحريرَ، يستحلون الزنا، وقد وقع ذلك ممن لا يُبالي، فاستحلَّ الزنا والفواحش، ولم يُبالِ. والحرير: لبس الحرير –يعني: للرجال- وهو محرَّم على الرجال. والخمر كذلك قد تساهل الناسُ في شُربه، واستحلَّه منهم مَن شاء الله، فالأمر عظيم. ثم قال والمعازف، والمعازف يدخل فيها الغناء وآلات اللَّهو، يقال: عزف إذا غنَّى، وإذا ضرب بآلة الطرب، فالعزف هو الغناء، فإذا كان معه الضَّرب بالدفِّ صار الشر أعظم.
وذكر ابنُ الصلاح رحمة الله عليه أنَّ الغناء إذا قام له شيءٌ من آلات اللهو حرم بالإجماع، أما بدون آلات الملاهي بل غناء مجرد فهو محرَّم عند غالب أهل العلم، وعند أكثر أهل العلم، وبعضهم حكى فيه إجماع أهل العلم، ولم يُبال بالمُخالف القليل، والأدلة مع مَن حرَّمه؛ لما فيه من الخُبث والضَّرر والشر الكثير، ولا سيما إذا كانت معه الموسيقى أو الكمان أو العود أو غير هذا من آلات اللهو؛ صار التَّحريمُ أشدَّ، وصار ذلك محلّ إجماعٍ ووفاقٍ بين أهل العلم.
النصيحة الشرعية
واختتم ابن باز فتواه بقوله: يجب الحذر من هذه المُصيبة التي بُلي بها الناس، فيجب على المؤمن أن يُحذِّر من ذلك أهل بيته، وأن يجتهد في نصيحتهم؛ لعلهم يسلمون، لعلهم ينجون، والله المُستعان.