” الصالح طلائع”.. أول المساجد المعلقة بالمحروسة وآخر الجوامع الفاطمية
في قلب المحروسة وتحديدا في منطقة الدرب الأحمر، وبالقرب من باب زويلة.. يقع آخر جوامع الدولة الفاطمية وهو مسجد الصالح طلائع، ويعتبر من أول المساجد المعلقة في مصر القديمة، أمر بإنشائه الوزير الصالح طلائع الذي كان وزيرا للخليفة الفاطمي الفائز، ثم الخليفة العاضد ليدفن فيه رأس الإمام الحسين.
أنشئ جامع الصالح طلائع عام 555 هجريا (1160) ميلاديا علي يد الملك الصالح طلائع وزير الفائز بنصر الله الفاطمي. وعلي الرغم من الانتهاء من بناء المسجد في تلك السنة إلا أنه لم يصبح مسجدا جامعا إلا بعد بنائه بحوالي 100 سنة، حين أقيمت فيه أول صلاة للجمعة أيام السلطان المملوكي عز الدين أيبك.
تشير بعض المصادر التاريخية إلي أن الصالح طلائع بني الجامع ليدفن فيه رأس الحسين إلا أن الخليفة الفاطمي الفائز بنصر الله رفض وقال: "لا يكون إلا داخل القصور الزاهرة"، وبني المدفن داخل القصر الكبير الفاطمي، ويوجد اليوم بقايا من المدفن بجوار جامع الحسن بالقاهرة، بحسب الهيئة العامة للاستعلامات.
ويعد جامع الصالح طلائع من أول المساجد المعلقة في مصر، حيث يقع أعلي من مستوي الشارع بنحو أربعة أمتار، ويعتبر من المساجد الكبيرة حيث تبلغ مساحته1522 مترا.
اما عن التخطيط العمراني للمسجد، فإن له أربع وجهات مبنية بالحجر، أسفل ثلاث منها حوانيت، والوجهة الغربية أهم وجهات الجامع، وبها الباب العمومي أمامه رواق محمول على أربعة أعمدة من الرخام تحمل عقوداً مزخرفة عليها أفاريز من كتابات قرآنية بالخط الكوفي المزهر. وكان مركباً على المدخل العمومي للجامع باب كبير من الخشب بمصراعين سطحهما مغشى بطبقة من النحاس بزخارف هندسية. وظهر الباب تغطية زخارف نباتية محفورة فاطمية الطراز.
الجامع مستطيل يتوسطه صحن مكشوف مساحته 454.54 متر، به صهريج أرضي كان يُملأ وقت الفيضان من الخليج. يحيط بالصحن أربعة أروقة، أكبرها رواق القبلة الذي يتكون من ثلاث بائكات.. والأروقة الثلاثة الأخرى يتكون كل منها من بائكة واحدة فقط، والأروقة ذات عقود محمولة على أعمدة من الرخام، ويعلو كل عقد شباك صغير مفرغ بزخارف نباتية. كانت المئذنة تعلو الباب الغربي الرئيسي.. وقد هُدمت في وقت غير معلوم، وبنى مكانها مئذنة حديثة أزيلت سنة 1926 لحدوث خلل في مبانيها، والجامع حاليا بدون مئذنة. وقد جدد الجامع سنة 699 هـ (1299م) الأمير بكتمر الجوكندار خلال السلطنة الثانية للناصر محمد بن قلاوون. وكان من ضمن أعماله المحراب والمنبر. وفي سنة 702 هـ (1302م) أصاب مصر زلزال تسبب في تصدع الجامع، فقام بإصلاحه الأمير بكتمر الجوكندار الذي كان يحمل الصولجان مع السلطان في لعب الكرة.كما جدده في سنة 844هـ عبد الوهاب العيني أحد تجار القاهرة. كما جدده الأمير يشبك من مهدى داوادار الملك الأشرف قايتباي سنة 882هـ (1477م).