الشيخ أحمد تركي: معركة بدر الكبرى وليست غزوة بدر الكبرى
درست فى الأزهر الشريف مادة " السيرة النبوية " والتى تتضمن فى طياتها دراسة الغزوات والسرايا فى العهد المدنى ، كغزوة بدر الكبرى ، وغزوة أحد ، وغزوة الأحزاب … الخ
ومصطلح " غزوة " من المصطلحات التى ينبغى تبديلها عند تدريس السيرة لأولادنا إلى مصطلحات أخرى تحمل مفاهيم الأحداث فى هذه الفترة الزمنية ، وخاصة بعد استهلاك هذا المصطلح سياسياً خلال تاريخ المسلمين واستخدامه كذلك فى هجمات الجماعات الارهابية ضد الأبرياء .. الخ
وأقترح استخدام مصطلح " معركة " كبديل لمصطلح " غزوة " فنقول معركة بدر الكبرى بدلاً من " غزوة بدر الكبرى "
وجدير بالذكر أن تلك المصطلحات استخدمها أهل السير كتعبير عن الأحداث فى عهد رسول الله عند تصنيف مصنفاتهم بعد وفاته- صلى الله عليه وسلم -بعشرات السنين ، اعتماداً على معناها اللغوى المجازى !!
فمصطلح غزوة إسم مرّة من غزا والجمع غزوات ، يعنى الهجوم على العدو والسير إلى قتاله فى أرضه .
وأطلق أيضاً على الحملات العسكرية التى كانت تستهدف الدول للسيطرة على مقدراتها كغزو التتار !
وفى العصر الحديث ظهر مصطلح " غزو الفضاء " ويعنى إكتشاف مجاهل الفضاء بواسطة الأقمار الصناعية ، أو الرحلات إلى القمر والمريخ .
وكل معارك النبى صلى الله عليه وسلم خالية من معنى " الغزو على مستوى اللغة أو حتى على المستوى السياسى ، لأنها كانت معارك دفاع عن المال أو العِرض أو الأرض .
فقد خاض النبى صلى الله عليه وسلم تلك المعارك كقائد وحاكم للمدينة المنورة بعد إبرام وثيقة المدينة فى بداية العام الهجري الأول ، والتى شارك فيها كل من فى المدينة حتى اليهود بطوائفهم ، ونصت الوثيقة أن من يقود أمور المدينة هو رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم.
وذُكر ببعض بنودها " وأنه ما كان بين أهل هذه الصحيفة من حدث أو اشتجار يخاف فساده ، فإن مرده إلى الله وإلى محمد رسول الله ،،،، "
وعلى هذا فكل المعارك فى عهده صلى الله عليه وسلم كانت للدفاع عن المدينة بمن فيها ، من معركة بدر فى العام الثانى للهجرة وحتى معركة تبوك فى العام التاسع للهجرة لعدم زحف الروم الى المدينة وقتل اهلها كما كانوا يهددون !!
وبالتالى من المناسب مخاطبة العقل الجمعى للشباب والأجيال القادمة بما يناسب المفاهيم الحقيقية بعيداً عن المصطلحات الشائعة عند العرب والمسلمين فى القرون الأولى .
ولابد من التأكيد على أن الحروب من منظور الإسلام للدفاع وليست لنهب الثروات أو الاعتداء على الناس.
ويدل على ذلك قول جابر بن عبدالله " ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُقاتِل - بكسر التاء - إلا أن يُقاتَل -بفتح التاء - وما كان يُحارِب- بكسر الراء - إلا أن يُحارَب- بفتح الراء- "
وهذا هو مفهوم القتال ، والذى يختلف عن مفهوم القتل !، والفرق بينهما هو نفس الفرق بين الجندىالشهيد المدافع عن وطنه ، وبين الارهابى القتيل الذى يدافع عن جماعته او أفكاره !!
وقد سبق نشر مقال عن الفرق بين الجندى المقاتل والإرهابى القاتل يمكن الرجوع إليه.