إرث خالد عبر الزمن: ”الدراويش” يلهمون الأجيال لمقاومة الظلم بالصومال
شكل "الدراويش" حركة مسلحة صومالية، نشأت في أواخر القرن التاسع عشر، تحت قيادة الشيخ محمد عبد الله حسن، الملقب بـ "المجاهد الأكبر".
خاض الدراويش حربًا طويلة ضد الاستعمار، مستخدمين تكتيكات حرب العصابات بفعالية، حيث تمكنوا من تحقيق انتصارات كبيرة ضد القوات الإيطالية والبريطانية، مما جعلهم رمزًا للمقاومة الوطنية في الصومال.
وفي عام 1908، أعلن الشيخ محمد عبد الله حسن عن تأسيس "دولة الدراويش" في شمال الصومال. تميزت هذه الدولة بنظامها الإسلامي، وجيشها القوي، واقتصادها المستقل.
واجهت دولة الدراويش العديد من التحديات، بما في ذلك نقص الأسلحة والتمويل، والخلافات الداخلية، والتدخل الخارجي.
في عام 1920، تمكنت القوات البريطانية بدعم من إيطاليا من هزيمة الدراويش بشكل نهائي، وعلى الرغم من هزيمتهم، ترك الدراويش إرثًا هامًا في الصومال، فقد ساهموا في توحيد الصوماليين تحت راية واحدة، ونشروا الإسلام في جميع أنحاء البلاد، وألهموا الأجيال القادمة لمقاومة الاستعمار.
أبرز قادتها
الشيخ محمد عبد الله حسن (المجاهد الأكبر): مؤسس دولة الدراويش وقائدها.
عبد الله بن محمد إسماعيل (الأمير عبد الله): نائب الشيخ محمد عبد الله حسن وقائد عسكري بارز.
حاجي يوسف (الأمير حاجي يوسف): قائد عسكري بارز ووزير خارجية دولة الدراويش.
النشأة
نشأت دولة الدراويش، في مرتفعات شمال الصومال عام ١٨٩٧ وسقطت في ١٩٢٠ بعد ان قصف سلاح الجو الملكي البريطاني عاصمتها تليح وتحول شمال الصومال الى مستعمرة بريطانية حتى ١٩٦٠.
اعتمدت الدولة علماً دلالاته مستمدة من الرموز الصوفي، حيث يشير الأخضر فيه الى المنهج الصوفي والإسلام، يحيط بها شريط أحمر، وفي داخله مربعان، يرمزان الى الحكم الإسلامي والعدل.
المقاومة ضد الاستعمار
منذ عام 1900م وحتى 1920م، فشلت كل المحاولات الـبريطانية للقضاء على الـثورة، فأغلب المواجهات العسكرية إنتهت لصالح دولة الـدراويش؛ ما أدى إلى انحسار الـوجود البريطاني في قلب الـصومال والأكـتفاء بالمواقع الساحلية فقط، كما فشلت أيضاً كل المواءمات السياسية الـتي أبرمتها بريطانيا مع القوى الأستعمارية ، مثل فرنسا وإيطاليا ، من أجل تحجيم قوى ونفوذ دولـة الـدراويش فحتى عام 1920م ظلـت دولـة الـدراويش، وعاصمتها «تاليح»، قادرة على رد الهجمات البريطانية المتعددة ، على جانب آخر.
أدت نجاحات السيد في وقف التمدد البريطاني في الصومال إلى إستنفـار سياسي بريطاني، رافضاً الهزائم المتكررة التي تتعرض لها بريطانيا بإستمرار في الـصومال ، الأمر الذي دفع إلى تشكيل وحدة قوات خاصة من الجيش الـبريطاني تحت مسمى «the Somaliland Camel Corps » عام 1914م ؛ لمواجهة دولة الـدراويش ، كما تم تجريد سرب كامل من قاذفات Airco DH.9A الـتابعة لسلاح الجو الملكي، وحمل السرب اسم Z- FORCE، كما تم تخصيص أول حاملة طائرات بريطانية HMS Ark Royal لـتنفيذ هذا الغرض .
ولأول مرة في تاريخ أفريقيا يتم استخدام الغارات الجوية لقمع ثورات وانتفاضات ضد المستعمر، وهو مايدل على حجم ثورة الـدراويش التي قادها السيد محمد بن عبدالله حسن ونجاحها في تأسيس دولـة إسلامية، وتعطيلها للعملية الأستعمارية لعقدين من الزمن.