تكهنات صندوق النقد الدولي حول فائدة البنك المركزي المصري القادم
أبرمت مصر وصندوق النقد الدولي اتفاقا للحصول على تسهيل صندوق ممدد بمقدار ثلاثة مليارات دولار لمدة 46 شهرا في ديسمبر 2022. وقال الصندوق إن المراجعة الأولى والثانية للتسهيل، التي سبق إرجاؤها، اكتملت الآن. وقال الصندوق في بيان إن الزيادة ستسمح لمصر بسحب نحو 820 مليون دولار على الفور.
تباينت توقعات خبراء الاقتصاد، مع توقعات صندوق النقد الدولي وبنك جولدمان ساكس، حول القرارات التي سيتخذها البنك المركزي في اجتماعه المرتقب خلال 23 مايو المقبل، بشأن تحديد أسعار الفائدة.
وذكر تقرير لبنك جولدمان ساكس، أن مصر ستتجه إلى خفض أسعار الفائدة بمقدار 200 نقطة أساس خلال مايو المقبل، كما ذكر التقرير، أن معدل التضخم سيتراجع إلى نحو 20% بحلول نهاية العام.
أكد اقتصاديون أنه لا أحد يستطيع أن يحسم الجدل حول سعر الفائدة في الفترة المقبلة، مؤكدين أن التوقعات لا بد أن تبنى على مؤشرات التضخم لشهر أبريل، وإن كان من الأفضل أن يتم التثبيت حتى لا يزيد التضخم.
أكد سمير رءوف، الخبير الاقتصادي، إن التضخم الأساسي بدأ فعليًا في الانخفاض ولكن تخفيض الفائدة لا بد أن يكون بالتدريج على 4 مراحل، في كل مرة ينخفض 50 نقطة، حيث إنه لو تم تخفيض الفائدة مرة واحدة 2%، سيترتب عليه خروج الأموال من البنوك، وهو ما سيؤدي إلى سرعة دوران النقود من يد إلى يد بشكل سريع وهو ما يزيد من معدلات التضخم مرة أخرى، لذلك لا بد من التخفيض التدريجي لسعر الفائدة.
ويتوقع صندوق النقد الدولي انخفاضًا تدريجيًا في معدل التضخم في مصر خلال عامي 2024 و2025، حيث إنه من المتوقع أن يصل إلى 32.5٪ في عام 2024 و25.7٪ في عام 2025، بسبب انفراجة شح النقد الأجنبي وتأثير تشديد السياسة النقدية.
أما بنك جولدمان ساكس فيتوقع انخفاضًا أسرع في معدل التضخم، حيث يتوقع وصوله إلى 20٪ بنهاية عام 2024. يعود هذا التوقع إلى تحرير سعر الصرف ورفع أسعار الفائدة بشكل كبير في مارس 2024، بالإضافة إلى ارتفاع قيمة العملة في السوق الموازية.
ويشير أبو الفتوح الخبير الاقتصادي، أن وجه الاختلاف في توقعات التضخم يرجع إلى أن صندوق النقد الدولي يرى أن هناك حاجة لمزيد من تشديد السياسة النقدية لمكافحة التضخم المرتفع، بينما يرى بنك جولدمان ساكس أن الإجراءات المتخذة حتى الآن كافية.
ويولي صندوق النقد الدولي اهتمامًا أكبر للعوامل الخارجية مثل التوتر في البحر الأحمر وتأثيرها على التجارة والشحن، بينما يركز بنك جولدمان ساكس على العوامل الداخلية مثل السياسة النقدية وسعر الصرف، وفقًا لأبو الفتوح.
وأضاف أبوالفتوح، إن أوجه الاختلاف في توقعات أسعار الفائدة إلى بين توقعات صندوق النقد وبنك جولدمان ساكس، أن الأخير يتوقع خفض أسعار الفائدة بناء على توقعه لانخفاض التضخم بشكل أسرع من توقعات صندوق النقد الدولي، كما يرى أن الحكومة المصرية لديها فائض عن احتياجاتها التمويلية، مما يسمح بخفض أسعار الفائدة.
وتجدر الإشارة إلى أن انخفاض التضخم سيؤدي إلى تحسين القوة الشرائية للأسر المصرية، وجذب الاستثمارات الأجنبية، وتعزيز الاستقرار الاقتصادي بشكل عام، بينما يؤدي ارتفاع أسعار الفائدة إلى زيادة تكلفة الاقتراض للشركات والأفراد وعبء خدمة الدين العام، لكنه قد يجذب أيضًا المدخرين ويساعد على استقرار الجنيه المصري، وفقًا لتقرير بنك جولدمان ساكس.
يهدف البنك المركزي المصري إلى تحقيق سلامة النظام النقدي والمصرفي واستقرار الأسعار، في إطار السياسة الاقتصادية العامة للدولة وِفقًا لقانون البنك المركزي والجهاز المصرفي رقم 194 لسنة 2020. وبناءً عليه يلتزم البنك المركزي بتحقيق والحفاظ على معدل تضخم منخفض ومستقر على المدى المتوسط. ويباشر البنك المركزي جميع الاختصاصات اللازمة لتحقيق أهدافه، والتي من ضمنها ما يلي:
وضع السياسة النقدية وتنفيذها، وإصدار الأوراق والأدوات المالية بما يتناسب مع طبيعة أمواله ونشاطه والدخول في عمليات السوق المفتوحة.
وضع نظام وسياسة سعر الصرف الأجنبي وتنفيذها، وتنظيم سوق الصرف الأجنبي ورقابته.
إطار السياسة النقدية
يمكن التعبير عن هدف البنك المركزي المصري لتحقيق استقرار الأسعار من خلال:
1. تقليل تقلبات التضخم عن المستوى الذي يعتبر متوافقًا مع استقرار الأسعار (فجوة التضخم).
2. التقليل من تقلبات النشاط الاقتصادي الحقيقي عن طاقته الإنتاجية الكاملة (فجوة الإنتاج).
يتم العمل على تحقيق هذا الهدف بالتوازى مع التحول لنظام استهداف معدلات التضخم المرن، متوافقاً مع تحرير سوق الصرف الأجنبي. لذلك، يضع البنك المركزي مستهدفات متعددة للتضخم، بحيث ينتقل الاقتصاد المصري تدريجيًا من معدل التضخم المستهدف حاليا نحو المستوى المقدر له على المدى المتوسط.
أعلن البنك المركزى المصري في يونيو 2005 إطاراً تشغيلياً جديداً لتنفيذ السياسة النقدية يتمثل في التحول من الإطار التشغيلي الكمي (فائض الاحتياطيات) إلى الإطار التشغيلي السعري (سعر العائد في سوق الإنتربنك لليلة واحدة) والمعروف بنظام الكوريدور (Corridor System)، ويشمل هذا النظام سعرين للعائد لليلة واحدة في تعاملات البنك المركزي مع البنوك التجارية أحدهما للإيداع والآخر للإقراض. ويمثل سعر عائد الإيداع الحد الأدنى لسعر العائد بالكوريدور، بينما يمثل سعر عائد الإقراض الحد الأقصى له. وبالتالي يساعد نظام الكوريدور في التغلب على تذبذبات أسعار العائد في سوق الإنتربنك لليلة واحدة. يقوم البنك المركزي بالإعلان عن أي تغييرات في نطاق السعر بالإضافة إلى سعر العملية الرئيسية واتفاقية إعادة الشراء (REPO) وعمليات السوق المفتوحة وِفقًا لحالة السيولة في السوق.
اتخذت مستهدفات التضخم مساراً تنازلياً من أجل السيطرة على توقعات التضخم منذ أن أعلن البنك المركزي المصري عن معدل التضخم المستهدف في مايو 2017. وفى ديسمبر 2022، حددت لجنة السياسة النقدية معدلات التضخم المستهدفة خلال الفترة القادمة عند مستوى 7٪ (± 2 نقطة مئوية) في المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2024، ومستوى 5٪ (± 2 نقطة مئوية) في المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2026. وقد تم تصميم سياسة تحديد أسعار العائد لتحقيق استقرار الأسعار مع تقليل التقلبات في الاقتصاد الكلي. وعلاوة على ذلك، يدعم احتواء التضخم تنافسية السلع والخدمات المصرية، وبالتالي يقلل من الضغوط على سعر الصرف على المدى متوسط.
كيف يتم تحديد أسعار العائد الرئيسية
تحدِّد أسعار العائد الرئيسية للبنك المركزي من قبل لجنة السياسة النقدية وِفقًا لأحكام القانون رقم 194 لسنة 2020، فإن لجنة السياسة النقدية تتكوّن من ستة أعضاء برئاسة محافظ البنك المركزي وعضوية نائبي المحافظ وثلاثة أعضاء غير تنفيذيين يختارهم مجلس إدارة البنك. يمكن لمجلس الإدارة أن يضم في تشكيل لجنة السياسة النقدية عضوًا يتمتع بخبرة اقتصادية أو مصرفية أو مالية من غير أعضاء مجلس الإدارة. وتجتمع لجنة السياسة النقدية ثماني مراتٍ سنويًا لمناقشة وضع السياسة النقدية ويُعلن عن اجتماعاتها في جدول في بداية كل عام على موقع الإلكتروني للبنك المركزي المصري. من الممكن أيضًا عقد اجتماعات استثنائية في الظروف الطارئة.
في كل اجتماع، تتخذ لجنة السياسة النقدية قرارتها بناء على التقارير والدراسات الاقتصادية والمالية التي عدها قطاع السياسة النقدية وقطاع الأسواق بالبنك المركزى المصرى وتتضمن تلك الدراسات آخر التطورات المحلية والعالمية وتقدر كافة المخاطر المرتبطة بتوقعات التضخم. فيتم على الجانب المحلي، متابعة المتغيرات التالية: التضخم، أسعار العائد، التطورات النقدية والائتمانية، وأسعار الأصول ومؤشرات القطاع الحقيقي. أما على الجانب الدولى، فيتم دراسة ومتابعة معدلات النمو والتضخم العالمية، وأسعار العائد العالمية والتوقعات المستقبلية وتلك الخاصة بالشركاء التجاريين.
بالإضافة إلى ذلك، ونظرًا لأن إجراءات السياسة النقدية تتطلب وقتًا لانتقال تأثيرها الكامل على مستوي الأسعار ومعدلات التضخم، توضع السياسة النقدية على أساسٍ مستقبلي حيث تعتمد لجنة السياسة النقدية على توقعات الاقتصاد الكلي والتضخم وتوازن المخاطر في عملية صنع القرار. بعد إبداء الآراء، يقوم أعضاء اللجنة بالتصويت من أجل اتخاذ القرارات اللازمة بشأن موقف السياسة النقدية من خلال أدواتها المتاحة. وتحدد اللجنة مستوى معدلات العائد الرئيسية التي تتوافق مع تحقيق معدل التضخم المستهدف مع الحفاظ على استقرار الأسعار على المدى المتوسط، ويكون مسار معدلات العائد المستقبلية معتمد على توقعات التضخم وليس معدلاته السائدة.
يُنشر البيان الصحفي للجنة السياسة النقدية بعد كل اجتماع على الموقع الإلكتروني للبنك المركزي، متضمنًا القرار بالإضافة إلى شرح أسبابه الأساسية، ويعتبر بمثابة أداةٍ مهمةٍ لإدارة توقعات التضخم.
قال صندوق النقد الدولي في بيان إن المجلس التنفيذي للصندوق وافق على زيادة برنامج القرض المقدم لمصر بنحو خمسة مليارات دولار، في تأكيد لإعلان هذا الشهر تزامن مع تخفيض البنك المركزي لقيمة الجنيه المصري.
وأبرمت مصر وصندوق النقد الدولي اتفاقا للحصول على تسهيل صندوق ممدد بمقدار ثلاثة مليارات دولار لمدة 46 شهرا في ديسمبر 2022. وقال الصندوق إن المراجعة الأولى والثانية للتسهيل، التي سبق إرجاؤها، اكتملت الآن.
وقال الصندوق في بيان إن الزيادة ستسمح لمصر بسحب نحو 820 مليون دولار على الفور.
وأضاف الصندوق "يجري تنفيذ خطة قوية لتحقيق الاستقرار الاقتصادي لتصحيح الأخطاء في السياسات"، مع التركيز على تحرير نظام الصرف الأجنبي، وتشديد السياسة المالية والنقدية، وخفض الاستثمار الحكومي، وإتاحة مساحة أكبر للقطاع الخاص".
وسيشمل ذلك استمرار خفض الدعم الذي يستهلك جزءا كبيرا من النفقات الحكومية. وفي الأسبوع الماضي رفعت مصر أسعار مجموعة واسعة من منتجات الوقود.
وقال الصندوق في بيانه "لا يزال من الضروري استبدال دعم الوقود غير المستهدف بالإنفاق الاجتماعي المستهدف كجزء من حزمة تعديل مستدامة لأسعار الوقود".
وذكر الصندوق أن مصر وضعت إطارا جديدا لرصد ومراقبة الاستثمار العام من شأنه أن يساعد في إدارة زيادة الطلب، لكن سيتعين على الدولة والجيش الانسحاب من النشاط الاقتصادي.
وأضاف "دمج الاستثمار الشفاف من خارج الميزانية في عملية صنع القرار بشأن سياسة الاقتصاد الكلي سيكون أمرا بالغ الأهمية".
وتوقع البيان أن يتباطأ معدل النمو في مصر إلى ثلاثة بالمئة في السنة المالية التي تنتهي في يونيو 2024 من 3.8 بالمئة في 2022-2023، قبل أن ينتعش إلى نحو 4.5 بالمئة في 2024-2025.