اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارون مدير التحرير التنفيذي محمد سلامة
الاثنين المقبل.. «الأوقاف المصرية» تعقد 100 ندوة علمية حول «جريمة الفتوى بغير علم» غدا.. الأوقاف المصرية تطلق برنامج ”لقاء الجمعة للأطفال” بالمساجد الكبرى مرصد الأزهر يكشف ما يعول عليه تنظيم د.ا.عش مستقبلا «الأوقاف المصرية» تضع خطة شاملة لتطوير الدعوة ومواجهة التطرف في شمال سيناء كيف نميز بين وسوسة الشيطان ودعوة النفس؟.. الدكتور علي جمعة يوضح مفتي الديار المصرية: تجديد الخطاب الديني هدفه استيعاب الواقع المتجدد برؤية حكيمة مدير الجامع الأزهر: الإسلام يدعو إلى الأمن والأمان والتمسك بالأحكام لتحقيق سعادة البشرية مفتي الديار المصرية لوفد برنامج الأغذية العالمي: مستعدون للتعاون في كل ما ينفع البشرية أمين ”البحوث الإسلامية”: الشريعة حرصت على البناء المثالي للأسرة بأسس اجتماعية سليمة بالقرآن والسنة.. الدكتور علي جمعة يكشف حكم زواج المسلمة من غير المسلم أمين مساعد البحوث الإسلامية: التدين ليس عبادة بالمساجد بل إصلاح وعمارة الكون الأوقاف المصرية: إيفاد سبعة أئمة إلى “تنزانيا والسنغال والبرازيل”

أزمة الرعاة والمزارعين في نيجيريا.. صراع تاريخي يتفاقم في العصر الحديث

 الصراع بين الرعاة والمزارعين في نيجيريا
الصراع بين الرعاة والمزارعين في نيجيريا

تاريخ الصراع بين الرعاة والمزارعين في نيجيريا يعود إلى فترة طويلة، ولكن تزايدت حدته وتعقيدت دوافعه في السنوات الأخيرة. يعزى ذلك جزئيًا إلى عوامل مثل التغيرات البيئية وتنافس الموارد، بالإضافة إلى التوترات الدينية والقومية والاقتصادية. تحدثت التقارير عن اشتباكات دامية بين رعاة الأغنام الفلاني والمزارعين في العديد من المناطق بسبب خلافات حول الأراضي والمياه والموارد الطبيعية الأخرى.

منذ العام 2018، ازدادت التقارير عن حالات عنف بين الرعاة والمزارعين في نيجيريا، وهذا الصراع تسبب في خسائر بشرية ومادية كبيرة. تنظر الحكومة النيجيرية والمجتمع الدولي إلى هذا الصراع على أنه تحدي كبير يتطلب حلولًا شاملة للتسوية وتحقيق السلام بين الأطراف المتنازعة.


رغم أنّ نزاع المزارعين والرعاة معقد ومتعدد المستويات، إلا أنه مدفوع إلى حد كبير بالتنافس على الموارد، وخصوصاً الغذاء والماء. يُدفع الرعاة المهاجرين أكثر ناحية الجنوب بحثًا عن أرض ترعى فيها ماشيتهم. كما تتمثل بعض الأسباب الكامنة في التدهور البيئي وتأثيرات التغير المناخي كالتصحر ما يسبب نقص الأراضي الخصبة.

إضافة إلى ذلك، يجبر العنف المتواصل وانعدام الأمن في مناطق الرعي التقليدية في الشمال العديد من الرعاة على الفرار، لكنّ المزارعين يطالبون بالأراضي التي يستقر فيها الرعاة. وفي عام 2018، أجبر تصاعد مفاجئ في مستوى عنف المواجهات الموسمية السابقة بين الرعاة والمزارعين نحو 300,000 شخص على الفرار من منازلهم كما أودى بحياة 1,300 شخصٍ آخرين.

وينطبق ذلك على منطقة الحزام الأوسط من نيجيريا التي تحولت خلال العام 2018 إلى مركز للصراع، نتيجة تصاعد المواجهات بين الرعاة والمزارعين في هذا الحزام، الذى يفصل بين شمال وجنوب البلاد، وهو مركز العاصمة النيجيرية أبوجا. وخلال الفترة من يناير وحتى يوليو 2018 قُتل أكثر من 1300 شخصا في موجات العنف التي اجتاحت الولايات الوسطى في البلاد، واضطر ما يقرب من 30 ألف نيجيري للفرار من ديارهم في الولايات المتضررة.

كان الشمال النيجيرى هو مركز الرعاة، حيث تمتد نيجيريا إلى مسافة تزيد عن 1000كم2 من الجنوب الخصب والمداري إلى أطراف الصحراء الكبرى في الشمال. ونتيجة التغيرات المناخية، تزايد معدل التصحر في اتجاه جنوب البلاد بمعدل 600 متر في العام، وذلك في الوقت الذى فقدت بحيرة تشاد في أقصى الشمال الشرقي للبلاد 90% من مساحاتها، حيث اختفى الجزء النيجيري من البحيرة تقريبا بالكامل. وهكذا، اضطر الرعاة الذين كانوا يعتمدون على بحيرة تشاد إلى الانتقال إلى الجنوب بحثا عن المراعي والمياه لتربية الماشية، ما أدى إلى اصطدامهم بمجتمعات زراعية مستقرة في الجنوب.


هذا الصراع حمل ملامح طائفية؛ فالرعاة أكثرهم من المسلمين ومن جماعة الفولاني العرقية والتي تمتلك تاريخ حافل من التهميش ومصادرة الحكومة الاتحادية لأراضيهم، بينما يدين غالبية المزارعون بالمسيحية. كما شهد الصراع انتهاكات للرموز الدينية للطرفين، ومنها حرق الكنائس والمساجد وقتل رجال الدين، مما دفع بعض المحللين إلى وصف الصراع باعتباره جزءًا من صراع ديني بين المسلمين والمسيحيين. فقد شهدت ولايات وسط وجنوب نيجيريا خلال الفترة من 2010 وحتى 2018 مواجهات دورية بين الرعاة والمزارعين، شملت 22 ولاية من إجمالي 36 ولاية نيجيرية. لكن مواجهات عام 2018 تعد هذ الأكثر دموية، نظرا لتزايد تداعيات التغيرات المناخية والتي كان لها انعكاساتها الواضحة على سبل العيش لدى الرعاة والمزارعين والصيادين في الشمال النيجيري، من ناحية أخرى، أدت عمليات جماعة بوكو حرام في الشمال إلى نزوح آلاف من المواطنين سنويا نحو الجنوب؛ فخلال عام 2017 نزح 279 ألف مواطن في نيجيريا، ووصل هذا العدد إلى أكثر من 2.2 مليون شخص في حوض بحيرة تشاد مع نهاية عام 2017.

كما أدى التدهور البيئي إلى هجرة آلاف السكان من دول غرب أفريقيا إلى جنوب نيجيريا، حيث لم تتمكن الحكومة النيجيرية من منع البدو من البلدان المجاورة من الدخول إلى أراضيها، وهو ما أدى إلى الإضرار بالتفاعلات القائمة بين المجتمعات المحلية في نيجيريا (خاصة المجتمعات الزراعية ونظيرتها الرعوية).


وكانت حكومة الرئيس السابق، جودلاك جوناثان، قد حاولت التعامل مع الأزمة في أبريل عام 2014، حيث أنشأت اللجنة الفنية الوزارية المشتركة المعنية بمحميات الرعى Grazing Reserves، والمكلفة باقتراح استراتيجيات لإنهاء الصراع بين الرعاة والمزارعين. تبع ذلك إنشاء الحكومة لجنة سياسية لمحميات الرعي، برئاسة حاكم ولاية بينو، وصدر تقرير عن اللجنة طالب بتحسين جميع طرق الرعي، وأوصت بأن يقدم البنك المركزي في نيحيريا 317مليون دولار إلى حكومات الولايات الـ 36 لبناء مزارع. ووافق "المجلس التنفيذي الوطني" NECعلى هذه التوصيات، لكن هزيمة جوناثان في انتخابات مارس 2015 أوقفت تنفيذ هذه التوصيات، حيث لم تمثل هذه الأزمة أولوية بالنسبة للرئيس بوخاري.