عيد الأضحى في المغرب.. فسيفساء من الطقوس المُذهلة وتقاليد العطاء
عيد الأضحى في المغرب يتميز بطقوسه الفريدة التي تجسد تراث البلاد وروح التضامن والتكافل الاجتماعي. فبعد أداء صلاة العيد، تستعد الأسر المغربية لنحر الأضحية، حيث يتولى رب الأسرة أو جزار مهمة الذبح، تليها عملية تنظيف وتجهيز اللحوم لتحضير أطباق مميزة.
أحد أبرز الأطباق التي تتم إعدادها في هذا اليوم هو "بولفاف"، وهو طبق مشهور يتكون من الكبد الملفوف والطحال والقلب يُطهى فوق الفحم، مصاحباً لسلطات محلية والخبز والشاي. بينما تتجه النساء لإعداد طبق "التقلية" المكون من رئة وأمعاء الأضحية بأساليب تختلف من منطقة لأخرى.
يشارك الشباب أيضاً في الاحتفالات، حيث يقومون بمهمة "التشواط"، وهي عملية تقطيع رؤوس الأضاحي وأرجلها في أحياء البلد، مُقابل مبالغ مالية محددة. وفي تعبير عن فرحة العيد، يرتدي بعض الشباب صوف الخرفان ويتجولون في الأحياء لنشر الفرح والسرور، خاصة بين الأطفال.
تعتبر العائلات المغربية الاحتفال بعيد الأضحى فرصة لإحياء التقاليد وتعليم الأجيال الجديدة قيم الاحتفاء بالتراث، حيث تستمر ممارسات مثل إعداد "القديد" والاحتفاظ بتقديم الهدايا والتهاني بين الأهل والأصدقاء.
على الرغم من بعض التحولات في المجتمع المغربي، إلا أن العائلات تظل ملتزمة بالاحتفال بطقوس العيد والاجتماع مع الأقارب والأحباء، حيث يتبادلون الزيارات ويتناولون وجبات العيد المتنوعة مثل الكسكس بلحم الخروف ورأس الأضحية المبخر. بالتالي، يعبر عيد الأضحى في المغرب عن روح الألفة والترابط الاجتماعي والاحتفاء بالتراث والتقاليد المحلية.
يرتدي بعض الشباب المغاربة في عيد الأضحى صوف الخرفان احتفالاً بقدوم العيد، فيصبح كلّ منهم شبيهاً بالخراف، ثمَّ يبدأون بالتجول في الحارات والأزقة المختلفة في المدن وضواحيها رغبةً منهم في نشر جو من السعادة والبهجة في قلوب الناس خاصة قلوب الأطفال، ثمَّ يتبع كل منهم جمهوراً من الناس تقديراً لهم واحتفالاً بهذه المناسبة السعيدة، فعيد الأضحى عند المغاربة له نكهة وطقوس خاصة مميزة تختلف عن عادات وتقاليد الشعوب الأخرى للاحتفال بالعيد، فما زال المغاربة حتى يومنا يحافظون على تراث أجدادهم وعاداتهم وتقاليدهم في الأعياد والمناسبات الدينية المختلفة.
وتحرص العائلات المغربية على إحياء التقاليد الموروثة لاحتفال بعيد الأضحى وتعليمها للأجيال الصاعدة وتعويدهم على التشبث بها كجزء من هويتهم وثقافتهم، إذ إن هناك ممارسة لعادات مستمدة من التراث المحلي ظلت صامدة أمام عصر التجديد.
وعلى الرغم من تشبث المغاربة بمجموعة من التقاليد المغربية القديمة فإن بعضها طاله الإهمال والانقراض في ظل التحولات الكبيرة التي شهدها المجتمع المغربي؛ مثل تحويل جلد الخروف إلى سجادة صغيرة من أجل الصلاة أو الديكور، إذ عرفت هذه العادة تراجعا كبيرا خلال السنوات الأخيرة، حيث تخلت الأسر عن تحضير “الهيضورة” وأصبحوا يرمونها أو يتصدقون بها.
وساهمت منصات التواصل الاجتماعي في السنوات الأخيرة في إعادة إحياء الموروث المغربي والطقوس القديمة التي تميز “العيد الكبير”، حيث ينخرط المشاهير المغاربة وصناع المحتوى في حملات التعريف بهذه التقاليد من خلال مشاركة مع متابعيهم الذين يقدرون بالملايين طريقة احتفالهم بهذه المناسبة الدينية في خطوة لمقاومة اندثار هذه الأخيرة والحفاظ على استمراريتها مع تعاقب الأجيال.
يُسمى يوم عيد الأضحى في المغرب بيوم الشقا أي التعب؛ لأنَّ كل أسرة في المجتمع الإسلامي المغربي تعمل كطاقم عمل مشترك للقيام بعمليات الذبح والسلخ، ثمَّ إعداد أحشاء الأضحية وتحويلها إلى أطباق ووجبات طعام صالحة لأكل الإنسان. بعد الانتهاء من الأضحية تتبادل العائلات التهاني والتبريكات بحلول عيد الأضحى المبارك من خلال الهاتف، أو الزيارات المتبادلة في البيوت، ويُمكن إعداد أول وجبة من لحم الأضحية يتناولها جميع أفراد العائلة في جو يسوده الحب والتآلف. بشكلٍ عام تتميز الأسرة المغربية بميلها وحبها للحفاظ على الطقوس التقليدية والتراثية للتعامل مع الجماعات والأقارب في عيد الأضحى، فبعض المغاربة يسافرون إلى مناطق أخرى بهدف التجمع العائلي وصلة الرحم، وتناول وجبات العيد من المشاوي، وأطباق اللحم، والخضروات، والفواكه المجففة مع أقاربهم، وتتبادل العائلات الزيارات في مساء العيد من أجل الاجتماع على العشاء لتناول الكسكس بلحم الخروف، أو رأس الأضحية المبخر مع الخضار المنوعة.