حكم ترك الأغنياء الأضحية.. رأي الفقهاء بين الوجوب والندب
تحظى مسألة الأضحية بأهمية بالغة في الشريعة الإسلامية، حيث اتفق الفقهاء على مشروعيتها واستدلوا على ذلك بالأدلة الشرعية، ومع ذلك اختلفوا في حكمها بين الوجوب والندب.
في السطور التالية سنعرض الخلاف الفقهي ونسلط الضوء على أدلة كل رأي وأرجح القولين.
يستند حكم مشروعية الأضحية على أدلة قرآنية وسنة نبوية شريفة. فقد قال تعالى: ﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ﴾ [الكوثر: 2]، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين أملحين أقرنين وذبحهما بيده وسمى وكبر ووضع رجله على صفاحهما.
وقال البحوث الإسلامية: قد اتفق الفقهاء على مشروعية الأضحية ومن الأدلة الواردة فى مشروعيتها: قال تعالى: ﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ﴾ [الكوثر: 2]، وقال ابن عباس - رضي الله عنهما -: "الصلاة: المَكتوبة، والنحر: النُّسُك والذبحُ يومَ الأضحى، وعَنْ أَنَسٍ قَالَ ضَحَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ وَسَمَّى وَكَبَّرَ وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا. أخرجه مسلم في صحيحه.
اختلف الفقهاء في حكم الأضحية بين الوجوب والندب على قولين:
القول الأول: ذهب جمهور الفقهاء وبعض العلماء الكبار إلى أن الأضحية سنة مؤكدة، وهذا هو الرأي الراجح عند مالك وأحد روايتين عن أبي يوسف.
القول الثاني: ذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّهَا وَاجِبَةٌ على الموسر، وَهَذَا الْمَذْهَبُ هُوَ الْمَرْوِيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ وَزُفَرَ وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَبِهِ قَالَ رَبِيعَةُ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَالأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَمَالِكٌ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ.
واختتم البحوث الإسلامية، أن المفتى به أن الأضحية سنة مؤكدة، إلا إذا ألزم نفسه بها عن طريق النذر فتكون واجبة في حقه.
تؤكد دار الإفتاء أن آخر ميعاد للذبح في عيد الأضحى 2024 هو آخر أيام التشريق، أي عند غروب شمس الثالث عشر من ذي الحجة، وهذا المذهب متبع لدى عدد من الصحابة والتابعين، وهو رأي المذهب الشافعي وقول للمذهب الحنبلي، واختيار ابن تيمية.
والدليل على ذلك حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي رواه ابن حبان عن جبير بن مطعم: "كل أيام التشريق ذبح".
كما يستحب للمضحي أن يأكل من لحم الأضحية ويطعم غيره ويدخر منها، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "كُلُوا وَتَزَوَّدُوا وَادَّخِرُوا". والأفضل أن يكون ذلك على ثلاثة أقسام: ثلث لأهل بيته، وثلث لفقراء جيرانه، وثلث للسؤال.
التصدق بالجميع أو إبقاء الجميع، والتصدق بها أفضل من ادخارها إلا أن يكون المضحى ذا عيال، وهو ليس ذا غنى وبسطة، فالأفضل لمثل هذا أن يوسع على عياله؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "ابدأ بنفسك فتصدق عليها، فإن فضل شىء فلأهلك، فإن فضل شىء عن أهلك فلذى قرابتك، فإن فضل عن ذى قرابتك شىء فهكذا وهكذا".
ويستحب للمضحى أن يذبح بنفسه إن قدر على ذلك، لأنه قربة، ومباشرة القربة أفضل من التفويض والتوكيل فيها واستثنى الشافعية إن كان المضحى أنثى أو أعمى، فالأفضل فى حقهما التوكيل ويستحب للمضحى أيضا التسمية عند الذبح خروجا من خلاف من أوجبه فيقول: بسم الله والله أكبر، وحبذا لو صلى على النبى صلى الله عليه وسلم، ويستحب له الدعاء بقوله: اللهم منك ولك، إن صلاتى ونسكى ومحياى ومماتى لله رب العالمين لا شريك له، وبذلك أمرت، وأنا من المسلمين؛ ويستحب له أن يبادر بالتضحية ويسرع بها قبل غيره من وظائف العيد وأيام التشريق، ويستحب له قبل التضحية أن يربطها قبل يوم النحر بأيام؛ إظهارا للرغبة فى القربة، ويستحب له أن يسمن الأضحية أو يشترى السمين؛ لأن ذلك من تعظيم شعائر الله تعالى، وإن كانت شاة أن تكون كبشا أبيض عظيم القرن خصيًّا؛ لحديث أنس: "أنه صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين أملحين موجوءين".
ويكره للمضحى التضحية فى الليل لغير حاجة، ويكره التصرف فى الأضحية بما يعود عليها بضرر فى لحمها أو جسمها، خاصة إذا كانت معينة أو منذورة، كالركوب، أو شرب لبن يؤثر فيها، أو جزّ صوف يضر بها، أو سلخها قبل زهوق الروح.
كما يكره إعطاء الجازر ونحوه أجرته من الأضحية؛ لحديث على قال: "أمرنى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقوم على بُدنة وأقسم جلودها وجِلالها، وأمرنى ألا أعطى الجزار منها شيئا، وقال: نحن نعطيه من عندنا".
ويجوز توكيل الغير عن ذبح الأضحية، الجزار وغيره، للحديث المرفوع: "يا فاطمة، قومى إلى أضحيتك فاشهديها"، وإن كان به ضعف إلا أن الفقهاء اتفقوا على صحة العمل بمضمونه، وإن كان الذابح الوكيل كتابيا صح عند الجمهور مع الكراهة، والأفضل أن يذبح بنفسه.