يشيب لها الرأس.. ماذا وجد الدفاع المدني تحت أنقاض غزة؟
كشف رجال الدفاع المدني- عن وجود أهوال يشيب لها الرأس، عقب انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من شمال غزة، حيث تواجد العديد من جثث الشهداء في الشوارع، بعدما توقف عمل الطواقم الطبية والدفاع المدني عن العمل قسرا نهاية أكتوبر الماضي، وباشرت الجهات المختصة بانتشال الجثامين من الشوارع وتحت الأنقاض.
وعثر الدفاع المدني، على هياكل عظمية كاملة، بدا الأمر غريبا بالنسبة لهم، حيث من النادر العثور على جثامين كاملة بعد شهور طويلة من بقائها ملقاة على الطرقات، تعبث بها الحيوانات الضالة.
وقال رجال البحث والإنقاذ، انه "غالبا نعثر على نصف أو ربع جثة، أو أشلاء متفرقة، وغالبا تكون في حالة تحلل، حتى العظام تتحلل بسبب أشعة الشمس وبقائها في الهواء لفترات طويلة".
وفور انسحاب قوات الاحتلال من غربي مفرق الشهداء (محور نتساريم)، يوم 27 يناير الماضي، سارعت طواقم الدفاع المدني للبحث عن جثامين الشهداء الملقاة في الشوارع، وفي المنازل التي كان من المحظور الوصول إليها.
وتوجه رجال الدفاع المدني، لمنطقة الزهراء (حي سكني دمره الاحتلال جنوبي غزة)، وجدوا هناك رجلا على الطريق من الجهة اليمين، عبارة عن جمجمة ورجلين ويد واحدة، والأخرى غير موجودة.. هيكل عظمي ناقص يد، حاولنا البحث عن اليد لكن لم نجدها"، كما وجدوا مع الهيكل نظارة طبية وخاتما وحذاء وملابس سوداء اللون.
دوّن رجال الدفاع المدني ملاحظاتهم في ورقة، حسبما تم تدريبهم، والتقطوا صورا، وتم وضع الهيكل في كيس الموتى، قبل أن يتم تسليمه لوزارة الصحة الفلسطينية.
وحول هذا الأمر أضاف عناصر مدنية قولهم: "نعاين العظام، ونحدد هل هي للشخص نفسه أم لا، تدربنا على هذا الأمر من خلال مطابقة عظام اليدين أو الرجلين.. الأسنان ممكن أن تعطينا معلومة حول عمر الشخص، نبحث عن مقتنياته الشخصية: خاتم، ساعة، ملابس، طرف صناعي، كل هذه الأمور مهمة للتعرف عليه من قِبل ذويه".
وتقع المناطق التي تنتشل طواقم الدفاع المدني منها الجثث في محور نتساريم "جنوبي مدينة غزة"، وفي رفح (جنوب القطاع)، وفي المناطق القريبة من السياج الفاصل مع الاحتلال (شرق).
وحتى صباح الأحد الموافق 2 فبراير الجاري، وصل عدد جثامين الشهداء الذين تمكنت طواقم الدفاع المدني من انتشالهم إلى 458، بحسب الدكتور خليل الدقران الناطق باسم وزارة الصحة.. وهناك نحو 4 إلى 5 آلاف جثة لا تزال تنتظر انتشالها من الطرقات، أو من أسفل ركام المنازل المدمرة.
ويشير الناطق باسم وزارة الصحة إلى أن الجثامين لا يتم احتسابها ضمن قائمة الشهداء إلا بعد انتشالها ووصولها إلى المستشفيات بشكل رسمي.
حينما ذهب الدفاع المدني للبحث أسفل ركام منازل بقرية المغراقة جنوبي مدينة غزة، لم يتوقع أن يعثر على "جُمجمة".. وبحثوا عن بقية أعضاء الجسد الذي انفصلت عنه الجمجمة، دون جدوى، وخمّنوا أن يكون أحد الكلاب الضالة قد جرّها إلى هذا المكان.
كانت الجمجمة متحللة بشكل كبير، فبحث عن كيس، وبحذر شديد وضعها داخله، وتوجه نحو مقر جهاز الدفاع المدني بمخيم النصيرات القريب، وسط قطاع غزة لتسليمها.
وتوقع رجال الدفاع المدني، أن تكون الجمجمة لرجل قتله قناص إسرائيلي حينما كان يحاول النزوح من المنطقة في بداية الحرب.
في نفس الإطار، تحتفظ ذاكرة الرائد عصام الصالحي، نائب مدير الدفاع المدني في حي الزهراء، بكثير من القصص المروعة عن الجثامين التي يتم انتشالها.
ويروي الصالحي، قصة انتشال 7 هياكل عظمية غير كاملة، يوم 28 يناير الماضي على شاطئ البحر، في المنطقة الواقعة بين مدينة غزة ومخيم النصيرات.
وتمكّن رجال الدفاع المدني من تحديد هوية أحد الهياكل السبعة، حيث تبين أنه يعود لصياد أسماك قد فُقدت آثاره قبل حوالي 8 شهور، ودلّ عليه سروال قصير أزرق اللون، ملفوف بشباك صيد، بحسب الصالحي.
ويتفق حديث الصالحي مع ما ذكره رجال الدفاع المدني حول صعوبة العثور على جثامين، أو هياكل عظمية كاملة، ويذكر أن ما يتم العثور عليه هو عظام متناثرة أو جماجم.