هجمات انتحارية لكوريين شماليين في كورسك تمهيداً لهجوم روسي واسع

كشفت صحيفة "إندبندنت" البريطانية أن جنوداً كوريين شماليين شنّوا هجمات انتحارية ضد القوات الأوكرانية المتمركزة في منطقة كورسك، في خطوة تهدف إلى تمهيد الطريق أمام هجوم روسي واسع لاستعادة السيطرة على المنطقة.
وفقاً للتقرير، لعبت وحدات من الجيش الكوري الشمالي دوراً محورياً في هذه العمليات من خلال تنفيذ هجمات انتحارية جماعية بأسلوب "الموجة البشرية"، وهو تكتيك يعتمد على إرسال موجات متتالية من المقاتلين نحو مواقع العدو، مما يؤدي إلى استنزاف دفاعاته قبل توجيه ضربات حاسمة.
وفي هذا السياق، شبّه ضابط أوكراني هذه الهجمات بأسلوب الهجمات السيبرانية، قائلاً:
"لقد واجهنا موجات بشرية تهاجم مواقعنا، قتلنا ثمانية من كل عشرة كوريين شماليين، ولكن في بعض المناطق، بسبب قلة عدد قواتنا، تمكنوا من التقدم والسيطرة عليها".
وأجبرت القوات الأوكرانية على الانسحاب من معظم كورسك نتيجة الهجمات المتواصلة، والتي تسارعت وتيرتها مع توقف الدعم الاستخباراتي الأمريكي، بعد خلاف بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال اجتماع في المكتب البيضاوي قبل أسبوعين.
تزامن ذلك مع تحسن القدرات الروسية في استخدام الطائرات المسيرة، إذ طورت موسكو تقنيات جديدة تعتمد على تشغيل المسيّرات عبر كابلات سلكية، مما يجعلها محصنة ضد التشويش الإلكتروني، وفقاً للمصادر العسكرية الأوكرانية.
تحوّل في التكتيكات الروسية
وبينما اعتمدت الهجمات الكورية الشمالية على القوة البشرية المكثفة، لجأت القوات الروسية إلى تكتيك أكثر تعقيداً في الأيام الأخيرة، عبر إرسال مجموعات صغيرة مزودة بإمدادات كبيرة، ومحاولة التسلل إلى الأراضي الأوكرانية وتعزيز مواقعها سرّاً.
وأوضح الضابط الأوكراني أن القوات الروسية استخدمت وسائل غير تقليدية للتنقل، مثل الدراجات الرباعية، في محاولة لاختراق الدفاعات الأوكرانية، مشيراً إلى أن الجيش الأوكراني تمكن من تدمير معظمها عبر الطائرات المسيرة والمدفعية الثقيلة.
التكلفة البشرية والسياسية للهجمات
وفق التقرير، أسفرت الهجمات الانتحارية الكورية الشمالية عن خسائر فادحة في صفوفهم، حيث قُتل مئات الجنود الكوريين خلال العملية. ومع ذلك، سمحت هذه الهجمات بإجبار القوات الأوكرانية على التراجع من عدة قرى صغيرة في المنطقة.
وأثارت هذه التطورات تساؤلات حول استراتيجية موسكو في استخدام قوات حليفة من دول أخرى لتنفيذ مهام ذات تكلفة بشرية مرتفعة، حيث تساءل الضابط الأوكراني:
"إلى أي مدى ستكون روسيا مستعدة للتضحية بحلفائها لتحقيق مكاسب على الأرض؟"
مستقبل المعركة ومسار المفاوضات
تزامنت هذه التحركات العسكرية مع وصول المفاوضين الأمريكيين إلى موسكو لمناقشة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار المتفق عليه بين واشنطن وكييف. ووفقاً للمصادر، تراجعت القوات الأوكرانية إلى حدودها بأوامر بوقف أي تقدم روسي إضافي، في انتظار نتائج المحادثات الدبلوماسية.
تشير التطورات الميدانية في كورسك إلى أن روسيا تواصل تكثيف عملياتها العسكرية، في وقت تسعى فيه واشنطن إلى فرض وقف إطلاق النار. وبينما تتباين التكتيكات بين الهجمات الانتحارية الجماعية للقوات الكورية الشمالية والأساليب المتقدمة التي تتبعها الوحدات الروسية، يبقى السؤال الأهم: هل ستؤدي هذه الهجمات إلى حسم المعركة، أم أن المفاوضات السياسية ستفرض واقعاً جديداً على الأرض؟.