اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارون رئيس التحرير محمود نفادي

أوراق المساومة في معركة كورسك.. أزمة أوكرانية وتحديات روسية

 معركة كورسك
معركة كورسك

على الرغم من التوغل الأوكراني في روسيا، لا يزال الروس يواصلون تعزيز مكاسبهم في أوكرانيا، مما يثير تساؤلات حول دوافع هذه المقامرة وإمكانية نجاحها.

من المنظور الأوكراني، لا تركز معركة كورسك على تحقيق نصر عسكري شامل بقدر ما تهدف إلى جمع المزيد من أوراق التفاوض لمفاوضات السلام المستقبلية مع روسيا، وفقاً لموقع مؤسسة "الحكم الرشيد".

ومع ذلك، لن يكون هذا التبادل في صالح أوكرانيا إلا إذا تمكن جيشها من الحفاظ على أراضٍ أكثر مقارنةً بتلك التي تسيطر عليها روسيا قبل بدء المفاوضات الرسمية. عندئذٍ فقط يمكن للرئيس زيلينسكي أن يدعي أن التضحيات كانت مبررة.

لكن، باتت فرص تحقيق مكاسب من أي تبادل للأراضي ضيقة بشكل متزايد، كما تلاشت الآمال في محادثات وقف إطلاق النار التي كانت مُخططاً لها قبل معركة كورسك.

بدلاً من ذلك، شهدنا تشدداً في الموقف الروسي. ففي منشور على تطبيق تليغرام بتاريخ 11 أغسطس، عبر دميتري ميدفيديف عن غضب الكرملين تجاه تصرفات أوكرانيا، داعياً إلى الاستيلاء على أوديسا وخاركوف ودنيبرو ونيكولاييف وكييف وما بعد ذلك.

أفاد التقرير بأن أوكرانيا كانت بحاجة إلى تعزيز الروح المعنوية لجنودها ومدنييها بانتصار ما، في وقت كانت فيه خطوطها في دونباس تتعرض للضغط، وتناقص الدعم الغربي لإمدادات الأسلحة المجانية، إضافةً إلى قلق محتمل من نتائج الانتخابات الأمريكية. وقد يكون زيلينسكي قد اعتبر أن ليس لديه ما يخسره.

يرى ويل كينغستون-كوكس، المتخصص في الشؤون الروسية، أن "هذه العملية (في كورسك) تبدو طموحة للغاية"، خاصة وأن "القوات المرسلة إلى روسيا هي من وحدات الانتشار السريع"، وكان من المفترض أن تلعب هذه القوات دوراً مهماً في بناء خطوط الدفاع مع الحفاظ على القدرة على الانسحاب السريع.

لكن هذا الرأي لا يلقى إجماعاً بين المراقبين. فقد قال سيم تاك، المحلل العسكري المتابع للحرب في أوكرانيا منذ بدايتها، "لا أعتقد أن هذه الوحدات كان بإمكانها تغيير ميزان القوى في دونباس".

وقد ترى هيئة الأركان العامة الأوكرانية أنه من الأفضل استخدام تلك الوحدات لتحقيق نصر كبير في منطقة كورسك بدلاً من إرسالها إلى دونباس حيث لن يكون لها تأثير كافٍ على الأرجح.

بالتالي، يمكن استخدام الأراضي التي تسيطر عليها أوكرانيا في هذه المنطقة كأوراق للمساومة في مفاوضات السلام المستقبلية.

وفي سياق متصل، ذكر د. فولوديمير شوماكوف، الدبلوماسي الأوكراني السابق والمستشار السابق لمحافظ خيرسون وأستاذ العلوم السياسية، في حوار سابق، أن احتلال مناطق روسية مثل كورسك قد يجبر "بوتين على إجراء تبادل، أي مبادلة أراضٍ أوكرانية بأخرى روسية".

بعبارة أخرى، قد تسعى كييف لاستبدال الأراضي الروسية التي تبلغ مساحتها أكثر من 1200 كيلومتر مربع بغنائم الحرب الروسية في دونباس عندما تتاح الفرصة.

لكن وفقاً لتحليل فيرونيكا بونيشكوفا، إذا كانت كييف تأمل في استخدام كورسك كورقة للمساومة، فمن المحتمل أن تكون هذه الحسابات غير دقيقة، خصوصاً وأنه ليس من المؤكد أن تتمكن القوات الأوكرانية من السيطرة على هذه الأراضي الروسية بشكل دائم.

بالإضافة إلى ذلك، يشير ويل كينغستون-كوكس إلى سبب آخر قائلاً: "لكي تكون لهذه المنطقة الروسية قيمة كورقة للمساومة، يجب على موسكو أن تُظهر اهتمامها الحقيقي بها، وهذا ليس هو الحال حالياً".

من جهة أخرى، يعتبر الكرملين أن من الضروري أن يظهر أن الأولوية القصوى هي السيطرة على دونباس، التي تُقدم كجزء لا يتجزأ من أراضي روسيا. في المقابل، قد يظهر التركيز على التوغل الأوكراني في كورسك موسكو في موقف الدفاع بعد أن كانت تملك زمام المبادرة.

مع تراجع أوكرانيا تدريجياً من دونباس، قد يرسل زيلينسكي المزيد من الجنود والمعدات للحفاظ على الأراضي في كورسك، بتكلفة باهظة، في محاولة يائسة لإثبات أن مقامرته لم تكن كارثية.

ويفترض بعض المعلقين الغربيين أنه إذا انتُخب دونالد ترامب رئيساً، فقد يضغط نحو وقف إطلاق النار. في ضوء الأدلة المتزايدة على أن أوكرانيا تخسر ببطء، لا يُستبعد أن يدفع بايدن نحو وقف مؤقت للقتال قبل نوفمبر.

لكن، غياب الحوافز الغربية لتشجيع روسيا على المضي قدماً نحو السلام قد يدفع بوتين إلى عدم الاكتراث بموقف الرئيس الأمريكي الجديد في السياسة الخارجية.


موضوعات متعلقة