عيد الفطر في فلسطين.. صلاة وسط الركام واحتفال ممزوج بالموت

بينما يستقبل المسلمون حول العالم عيد الفطر بالفرح والتكبيرات، كان لأهالي قطاع غزة مشهد مختلف تمامًا، حيث أدوا صلاة العيد وسط الأنقاض، وعلى أطراف الخيام، وداخل مدارس النزوح. في قطاع غزة، لم يكن العيد مناسبة للفرح بقدر ما كان لحظة لاسترجاع الألم والخسائر التي خلفتها الحرب المستمرة، حيث تزامنت تكبيرات العيد مع أصوات القصف والغارات الإسرائيلية التي لم تتوقف.
صلاة وسط الأنقاض.. مشهد يعكس المأساة
على الرغم من الدمار الشامل الذي لحق بالمساجد والبنية التحتية، تجمع الفلسطينيون في شوارعهم وفي أماكن نزوحهم لإحياء شعيرة العيد. في المسجد العمري الكبير بمدينة غزة، الذي تعرض لأضرار جسيمة بسبب القصف الإسرائيلي، احتشد المصلون رغم الدمار الذي طال أجزاءً واسعة منه. في مخيم البريج وسط القطاع، أدى مئات المواطنين الصلاة في الطرقات، بينما وقف المصلون في خان يونس على أنقاض المساجد المدمرة، في مشهد يعكس حجم الكارثة التي ألمّت بالقطاع.
القصف لا يتوقف حتى في العيد
لم تكن صلاة العيد في غزة مجرد مشهد من الصمود، بل كانت محفوفة بالمخاطر، إذ استهدفت المدفعية الإسرائيلية بلدة عبسان الكبيرة شرق خان يونس أثناء تكبيرات العيد، لتؤكد أن الحرب لا تفرق بين مناسبة دينية أو يوم عادي، ولا تتيح حتى لحظات من الهدوء لسكان القطاع.
وبحسب المركز الفلسطيني للإعلام، فإن الاحتلال الإسرائيلي دمر خلال عدوانه على غزة أكثر من 1109 مساجد، وقتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين، بينهم من كانوا ينتظرون رمضان بفارغ الصبر ليعيشوا روحانيته، ولكنهم لم يتمكنوا حتى من إكماله.
الأقصى تحت الحصار وإجراءات الاحتلال المشددة
في القدس المحتلة، ورغم القيود المشددة التي فرضتها سلطات الاحتلال، توافد 120 ألف مصلٍّ إلى المسجد الأقصى المبارك لأداء صلاة عيد الفطر، متحدّين الإجراءات الإسرائيلية التي حاولت الحد من وصول المصلين إلى باحات المسجد. كان وجود هذا العدد الكبير رغم العراقيل الأمنية رسالة واضحة على تمسك الفلسطينيين بحقهم في العبادة، وإصرارهم على البقاء في المسجد الأقصى رغم كل محاولات التهويد والتضييق.
حرب مستمرة ومعاناة متزايدة
تزامن عيد الفطر مع استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة، حيث استأنفت إسرائيل في 18 مارس عملياتها البرية والقصف المكثف على مناطق عدة، بحجة الضغط على حركة "حماس" للإفراج عن الرهائن المحتجزين. ومع التصعيد العسكري، عادت مشاهد الدمار إلى الواجهة، مسترجعة الأيام الأولى من الحرب التي خلفت دمارًا هائلًا وأزمة إنسانية كارثية، حيث يعاني القطاع من شح الغذاء والدواء والمياه، في ظل حصار خانق يزيد من معاناة السكان المدنيين.
عيد بنكهة الفقدان
استقبلت العائلات في غزة العيد بالفقدان والحزن، إذ ارتفع عدد الشهداء مع ساعات الصباح الأولى، ليكون العيد مناسبة لتوديع المزيد من الأحباب بدلاً من الاحتفال ببهجته. وفي ظل استمرار القصف والمعاناة، يبقى السؤال الأبرز: إلى متى ستبقى غزة تدفع ثمن صراعات لا تنتهي، ومتى سيأتي عيدٌ دون أن يكون ممزوجًا برائحة الدمار والموت؟.