ثورة طبية : واجهة حسوبية تترجم أفكار مرضى الشلل إلى كلام مباشر

ثورة طبية: تقنية جديدة تحول الأفكار إلى كلام لمرضى الشلل الكامل
في إنجاز طبي غير مسبوق، تمكن فريق من علماء الأعصاب في الولايات المتحدة من تطوير واجهة حاسوبية عصبية قادرة على قراءة أفكار المرضى المصابين بالشلل الكامل وتحويلها إلى كلام مسموع أو نص مكتوب، مما يفتح آفاقًا جديدة لاستعادة التواصل البشري.
تقنية حديثة لتحويل الأفكار إلى كلمات في الوقت الفعلي
أعلن باحثون من جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو (UCSF) في دراسة نُشرت بمجلة Nature Neuroscience عن نظام يعتمد على الذكاء الاصطناعي لفك شفرة الإشارات العصبية المرتبطة بالكلام من القشرة الحركية في الدماغ. ثم يقوم هذا النظام بتحويلها إلى كلمات منطوقة أو نصوص معروضة على الشاشة دون تأخير، مما يحل مشكلة البطء في الأجهزة المشابهة.
سرعة ودقة غير مسبوقة في الترجمة العصبية
بقيادة البروفيسور إدوارد تشانج، تمكن الفريق البحثي من تطوير تقنية تتعرف على أكثر من 1024 كلمة شائعة الاستخدام بسرعة تصل إلى 48 كلمة في الدقيقة، أي أسرع بخمس مرات من الأنظمة السابقة. لتحقيق ذلك، استخدم العلماء مجموعة عالية الكثافة من 253 قطبًا كهربائيًا مزروعة جراحيًا في الدماغ، واختبروا النظام على مريض يبلغ من العمر 47 عامًا يعاني من شلل تام منذ 18 عامًا إثر سكتة دماغية.
كيف تعمل التقنية الجديدة؟
-
التخيل الذهني للكلمات: طُلب من المريض تخيل نطق الكلمات دون تحريك فمه.
-
تسجيل الإشارات العصبية: قامت الأقطاب الكهربائية بتسجيل النشاط العصبي المرتبط بكل كلمة.
-
تدريب الذكاء الاصطناعي: استخدم الباحثون نموذج RNN-T (شبكة عصبية متكررة متطورة تُستخدم في الترجمة الفورية) لربط الإشارات العصبية بالكلمات المستهدفة.
-
إنتاج الكلام أو النص المكتوب: يقوم النظام بتحويل الأفكار إلى كلام منطوق عبر مكبرات الصوت أو نصوص معروضة على الشاشة بدقة تصل إلى 75%.
مزايا التقنية الجديدة في واجهات الدماغ والحاسوب (BCIs)
-
السرعة: تتيح إجراء محادثات طبيعية شبه فورية دون تأخير.
-
المرونة: يمكنها التعرف على مفردات واسعة دون الحاجة إلى تدريب مسبق لكل كلمة.
-
التصحيح التلقائي: تعتمد على فهم السياق وتصحيح الأخطاء تلقائيًا، مما يجعل التواصل أكثر سلاسة.
آفاق مستقبلية للتقنية في المجال الطبي
أكد البروفيسور تشانج أن هذا التطور يعد خطوة أولى نحو استعادة التواصل الحقيقي للأشخاص المصابين بإصابات عصبية شديدة. ويسعى الفريق إلى تحسين دقة النظام وزيادة المفردات لتشمل تعابير أكثر تعقيدًا. كما يأمل العلماء في أن تُستخدم هذه التقنية قريبًا لمساعدة مرضى التصلب الجانبي الضموري (ALS) وضحايا السكتات الدماغية، وحتى الأشخاص الذين يعانون من "متلازمة المُنحبس" الكامل، مما قد يساعدهم في استعادة جزء من قدرتهم على التواصل.
التحديات والاعتبارات الأخلاقية
على الرغم من التقدم الكبير، لا يزال التطبيق السريري الواسع لهذه التقنية بحاجة إلى مزيد من الاختبارات. كما تثير هذه التطورات قضايا أخلاقية تتعلق بخصوصية البيانات العصبية وآليات الموافقة الطبية، خاصة للمرضى غير القادرين على التواصل.
خاتمة
يمثل هذا الابتكار ثورة في عالم واجهات الدماغ والحاسوب، وقد يكون الخطوة الأولى نحو مستقبل يتمكن فيه المرضى الذين فقدوا قدرتهم على الكلام من استعادة تواصلهم مع العالم مرة أخرى. ومع استمرار الأبحاث، قد تصبح هذه التقنية وسيلة رئيسية لتحسين حياة ملايين الأشخاص حول العالم.