البنتاجون يعيد رسم خرائط الردع.. تحديث عسكري في اليابان لمواجهة الصين

في تحول استراتيجي واضح، أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية عن تحديثات كبيرة للقوات الأمريكية في اليابان، تتضمن إنشاء مقر قيادة جديد مخصص "لقتال الحرب".
هذه الخطوة، التي وصفها وزير الدفاع الأمريكي بيت هيجسيث بأنها "المرحلة الأولى من إعادة الهيكلة"، تأتي في إطار استراتيجية أوسع لتعزيز الردع ضد الصين وإعادة ترتيب الأولويات الدفاعية الأمريكية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، مؤكدًا أن اليابان تلعب دوراً لا غنى عنه في ما أسماه "التصدي للعدوان الصيني" من خلال مساعدة واشنطن على بناء ردع "فعال" في المنطقة، بما يشمل مضيق تايوان.
إعادة الهيكلة.. ردع الصين أم تصعيد التوترات؟
خلال زيارته إلى طوكيو، أكد هيجسيث أن التحديث العسكري في اليابان يهدف إلى تحسين التنسيق العملياتي بين القوات الأمريكية وقوات الدفاع الذاتي اليابانية، إضافة إلى خلق "معضلات استراتيجية" تجعل أي خصم محتمل، في إشارة واضحة إلى الصين، في حالة من عدم اليقين الدائم. كما شدد على أن "السلام يتحقق من خلال القوة، بقيادة أميركا"، في إشارة إلى تبني نهج أكثر حزمًا في مواجهة التحديات الأمنية الإقليمية.
رسائل سياسية.. دعم التحالفات أم تعزيز الضغوط؟
زيارة هيجسيث إلى اليابان لم تقتصر على الجوانب العسكرية، بل حملت أبعادًا سياسية ورمزية مهمة. فاختياره حضور مراسم تذكارية لمعركة إيو جيما يعكس مسعى لتأكيد متانة التحالف الأمريكي-الياباني، خاصة أن اليابان انتقلت من كونها خصمًا تاريخيًا إلى حليف استراتيجي. لكن رغم هذه الإشارات، لا تزال طوكيو تشعر بالقلق من مدى التزام واشنطن بأمنها، خاصة في ظل تصريحات الرئيس السابق دونالد ترامب، الذي وصف معاهدة الدفاع المشترك مع اليابان بأنها "صفقة غير متكافئة".
ضغوط أمريكية لزيادة الإنفاق الدفاعي الياباني
رغم تأكيد هيجسيث أن "أميركا أولًا لا تعني أميركا وحدها"، إلا أن هناك ضغوطًا متزايدة على اليابان لتعزيز إنفاقها العسكري. فقد دعا إلبريدج كولبي، المرشح لمنصب وكيل وزارة الدفاع في إدارة ترامب المحتملة، اليابان إلى تجاوز نسبة 2% من ناتجها المحلي الإجمالي في الإنفاق العسكري بحلول 2027. في المقابل، أصر وزير الدفاع الياباني جين ناكاتاني على أن أي تعزيز لقدرات بلاده الدفاعية سيتم "وفقًا لتقديرها الخاص"، مما يعكس محاولة طوكيو الحفاظ على توازن دقيق بين التزاماتها الأمنية واستقلالية قراراتها الدفاعية.
توجيه استراتيجي جديد.. الأولوية لمواجهة الصين
التحركات العسكرية الأمريكية في اليابان ليست مجرد خطوات تكتيكية، بل جزء من تحول استراتيجي أوسع كشفت عنه وثيقة سرية للبنتاغون، نشرتها صحيفة واشنطن بوست. الوثيقة، التي تحمل عنوان "التوجيه الاستراتيجي المؤقت للدفاع الوطني"، تعيد ترتيب الأولويات الدفاعية الأمريكية، مع تركيز واضح على "ردع محاولة الصين للاستيلاء على تايوان". ويبدو أن واشنطن مستعدة لتحمل "مخاطر مدروسة" في مناطق أخرى، مثل أوروبا والشرق الأوسط، مقابل تركيز مواردها على التهديد الصيني المتصاعد.
التحالفات الأمنية.. بين تعزيز الردع وخطر التصعيد
توسيع الوجود العسكري الأمريكي في اليابان والفلبين يشير إلى أن واشنطن لا تكتفي بدعم حلفائها، بل تستعد لاحتمال مواجهة عسكرية مفتوحة مع الصين. هذا النهج الجديد، الذي يتجاوز السياسات التقليدية، يعكس قناعة لدى الإدارة الأمريكية بأن الردع الاستباقي هو السبيل الوحيد لمنع بكين من تغيير الوضع الراهن في تايوان.
مستقبل المنطقة.. سباق تسلح أم توازن جديد؟
مع تحوّل اليابان والفلبين إلى نقاط ارتكاز رئيسية في الاستراتيجية الأمريكية، يزداد احتمال تصعيد التوترات مع الصين، التي تعتبر أي تحرك لتعزيز الدفاعات الإقليمية موجهًا ضدها. هذا الوضع قد يؤدي إلى سباق تسلح غير مسبوق، وربما يدفع المنطقة إلى حافة مواجهة عسكرية. لكن في المقابل، قد تؤدي هذه التحركات إلى فرض توازن جديد، يمنع الصين من الإقدام على خطوات أحادية تجاه تايوان، ويعيد رسم ملامح الأمن الإقليمي لعقود قادمة.
معادلة معقدة في آسيا
الاستراتيجية الأمريكية الجديدة في اليابان ليست مجرد تحديث عسكري، بل جزء من إعادة صياغة لمعادلة الردع في المحيطين الهندي والهادئ. وبينما تسعى واشنطن لتأكيد التزامها بحماية حلفائها، تظل المخاطر قائمة، خاصة إذا تسببت هذه التحركات في تأجيج سباق تسلح قد يجر المنطقة إلى صراع أوسع. في ظل هذه التطورات.