وثيقة مجهولة المصدر تشعل الجدل في العراق.. السلطات تنفي مزاعم تسميم الطعام

شهدت الساعات الماضية انتشارًا واسعًا لوثيقة مجهولة المصدر على منصات التواصل الاجتماعي، زُعم أنها مسربة وتشير إلى تورط عمال سوريين في محاولة تسميم الطعام داخل بعض المطاعم العراقية، في سياق مزعوم يهدف إلى خلق حالة من الفوضى داخل البلاد. هذه المزاعم، رغم افتقارها لأي دليل رسمي، دفعت إلى تفاعل واسع بين المستخدمين وأثارت مخاوف بشأن الاستقرار الأمني، ما استدعى ردًا رسميًا من الجهات المعنية.
في مواجهة هذه الادعاءات، أصدرت قيادة عمليات بغداد بيانًا رسميًا على صفحتها في "فيسبوك"، نفت فيه بشكل قاطع صحة هذه الأخبار، مؤكدة أنها مجرد شائعات لا تستند إلى أي وقائع موثوقة. كما شددت على ضرورة تحري الدقة في نقل المعلومات والاعتماد على المصادر الرسمية لتجنب تصعيد التوترات غير المبررة. هذا النفي الرسمي يعكس إدراك السلطات العراقية لحساسية مثل هذه الادعاءات، خاصة في ظل الأوضاع الأمنية والسياسية التي تعيشها البلاد.
لكن توقيت هذه الشائعة يثير تساؤلات حول الدوافع الكامنة وراء نشرها. إذ جاءت بعد نحو عشرة أيام فقط من اعتداءات استهدفت عمالًا سوريين في العراق، ونُسبت إلى مجموعة ملثمة ادعت أنها تنتمي إلى فصيل يُدعى "تشكيلات يا علي الشعبية". هذه الاعتداءات دفعت المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية إلى إدانتها والتأكيد على اتخاذ إجراءات قانونية لملاحقة المتورطين فيها، كما استدعت ردًا من وزارة الخارجية السورية، التي وصفت ما حدث بأنه انتهاك لحقوق الإنسان والقانون الدولي.
في ضوء هذه المعطيات، يبدو أن انتشار الشائعة لم يكن عفويًا، بل قد يكون مرتبطًا بتصعيد موجّه يستهدف إثارة التوتر بين العراقيين والسوريين الموجودين في البلاد. فمن جهة، تسهم مثل هذه الادعاءات في تأجيج المشاعر القومية وزيادة الضغط الاجتماعي ضد فئة معينة، ومن جهة أخرى، قد يكون لها أبعاد سياسية وأمنية، تهدف إلى إعادة تشكيل بعض التوازنات داخل العراق، سواء بين القوى المحلية أو في سياق التوترات الإقليمية الأوسع.
التعامل مع مثل هذه الشائعات يتطلب وعيًا مجتمعيًا وإعلاميًا، بحيث لا تتحول الأخبار غير الموثوقة إلى محركات للأحداث، خاصة في بلد لا يزال يعاني من تحديات أمنية وسياسية معقدة. وفي ظل التوترات الإقليمية، فإن أي محاولة لخلق حالة من الذعر عبر أخبار زائفة قد تؤدي إلى تداعيات تتجاوز مجرد ضجة إعلامية، بل قد تسهم في تأزيم الأوضاع الأمنية بشكل فعلي، وهو ما تحاول السلطات العراقية احتواءه من خلال بيانات النفي والدعوة إلى التحقق من المصادر قبل نشر المعلومات.