كوريا الجنوبية تلوّح بالرد العسكري على مناورات واشنطن وسيول وطوكيو البحرية

تواصل الأزمة في شبه الجزيرة الكورية اشتعالها مع تصاعد التوترات بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة. فقد نددت بيونغ يانغ بالمناورات البحرية المشتركة التي أجرتها الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية واليابان، واصفة إياها بأنها "استفزاز خطير"، محذرة من ردود فعل "ساحقة وحاسمة" على أي تحركات تعتبرها تهديدًا لأمنها القومي.
المناورات العسكرية وتأثيرها على التصعيد الإقليمي
وفقًا لوكالة "يونهاب" الكورية الجنوبية، أقيمت التدريبات البحرية الثلاثية بين الاثنين والخميس الماضي في المياه الدولية بالقرب من جزيرة جيجو الجنوبية، بمشاركة حاملة الطائرات الأميركية "يو إس إس كارل فينسون". وتهدف هذه التدريبات إلى تعزيز القدرات الدفاعية المشتركة ضد التهديدات الكورية الشمالية، كما أنها تُعَد الأولى منذ عودة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى السلطة في يناير الماضي.
غير أن هذه الخطوة أثارت رد فعل غاضبًا من بيونغ يانغ، حيث اعتبرتها استفزازًا مباشرًا يساهم في زعزعة الاستقرار الإقليمي. ووصفت وكالة الأنباء المركزية الكورية الشمالية التدريبات بأنها "جزء من استراتيجية واشنطن للهيمنة على منطقة آسيا والمحيط الهادئ"، مؤكدة أن التعاون العسكري بين الدول الثلاث تجاوز كل الخطوط الحمراء السابقة.
تصعيد المواجهة العسكرية بين بيونغ يانغ وخصومها
تأتي هذه التدريبات وسط تصعيد غير مسبوق في الخطاب العسكري بين كوريا الشمالية وخصومها، حيث ترى بيونغ يانغ أن أي تحرك عسكري أميركي - كوري جنوبي يشكل تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي. وتزامنت هذه المناورات مع تدريبات "درع الحرية" السنوية بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة، والتي تعتبرها كوريا الشمالية تمهيدًا لعمل عسكري محتمل ضدها.
في المقابل، تواصل بيونغ يانغ تنفيذ تجاربها الصاروخية في تحدٍ واضح للعقوبات الدولية، مؤكدة أن تعزيز قدراتها النووية هو "الضامن الوحيد" لبقاء نظامها في مواجهة ما تسميه "العدوان الأميركي". وقد هددت مرارًا بأن أي تصعيد عسكري ضدها سيُقابل برد "ساحق وغير مسبوق"، في إشارة إلى احتمالية تنفيذ ضربات انتقامية ضد جارتها الجنوبية أو حتى استهداف القوات الأميركية في المنطقة.
تداعيات الأزمة على الأمن الإقليمي والدولي
تصاعد هذه التوترات يثير مخاوف واسعة من أن تؤدي الاستفزازات العسكرية المتبادلة إلى مواجهة مفتوحة لا يمكن احتواؤها بسهولة. فبينما تؤكد واشنطن وسول وطوكيو أن هذه التدريبات ضرورية لردع التهديدات الكورية الشمالية، يرى البعض أنها قد تزيد من احتمالية حدوث سوء تقدير قد يشعل صراعًا واسع النطاق.
ومع دخول الأزمة مرحلة أكثر تعقيدًا، يظل التساؤل قائمًا: إلى متى يمكن أن تستمر هذه المواجهة دون أن تتحول إلى صدام عسكري مباشر؟ وهل يمكن للدبلوماسية أن تجد طريقًا لنزع فتيل الأزمة قبل أن تصل إلى نقطة اللاعودة؟ في ظل غياب قنوات حوار فعالة، يبدو أن الحل العسكري قد يصبح الخيار الوحيد المطروح على الطاولة، وهو سيناريو قد تكون عواقبه كارثية على الأمن الإقليمي والعالمي.