انقسام في تل أبيب.. الكنيست يقر موازنة 2025 والرئيس الإسرائيلي: قضية الرهائن أصبحت هامشية

شهد الكنيست الإسرائيلي (البرلمان) يوم الثلاثاء تصويتًا صاخبًا على موازنة الدولة لعام 2025، التي قدمتها حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وسط احتجاجات حاشدة واشتباكات بين المتظاهرين وقوات الشرطة. جاء هذا الإقرار في أجواء سياسية مشحونة، حيث تتصاعد الانتقادات حول أولويات الإنفاق الحكومي، لا سيما فيما يتعلق بالمخصصات الموجهة لمجتمعات اليهود المتشددين دينيًا (الحريديم) واستمرار استثنائهم من الخدمة العسكرية، وهو ما أثار غضب المعارضة والتيار العلماني في إسرائيل.
موازنة مثيرة للجدل وانقسامات داخلية
استمرت مناقشات الموازنة لساعات طويلة داخل الكنيست، حيث حاولت المعارضة تسليط الضوء على ما تعتبره انحيازًا حكوميًا لصالح الحريديم على حساب قطاعات أخرى من المجتمع. قبل التصويت بأيام، مارست أحزاب الحريديم ضغوطًا مكثفة للحصول على أكثر من مليار شيقل (277 مليون دولار) لدعم مؤسساتها الدينية، ما زاد من حدة الجدل حول الموازنة.
خارج البرلمان، أغلق آلاف المتظاهرين مداخل الكنيست، في محاولة لمنع النواب من الدخول، بينما وصلت بعض الشخصيات البارزة، مثل وزير الدفاع يسرائيل كاتس، بطائرة مروحية وسط الأجواء المتوترة. تعكس هذه الاحتجاجات تصاعد الغضب الشعبي تجاه سياسات حكومة نتنياهو، التي يراها معارضوه منحازة لمصالح التيار الديني على حساب الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية.
أزمة الرهائن وتراجع الأولويات الإسرائيلية
في خضم الجدل حول الموازنة، فجّر الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ مفاجأة سياسية بإعلانه عن صدمته من تراجع قضية الرهائن المحتجزين في غزة ضمن أولويات الحكومة والشعب الإسرائيلي. ففي مؤتمر عُقد في تل أبيب، أعرب هرتسوغ عن استيائه من أن قضية الرهائن لم تعد تتصدر المشهد الإعلامي والسياسي، محذرًا من فقدان التركيز على جهود إعادتهم إلى ديارهم.
يأتي هذا التصريح بعد أيام من استئناف إسرائيل عملياتها العسكرية في قطاع غزة، منهيةً بذلك وقف إطلاق النار الذي استمر لأسابيع، وأسفر عن إطلاق سراح بعض الرهائن في إطار صفقة تبادل مع حركة "حماس". ومع ذلك، فإن تصعيد العمليات العسكرية لم يسهم في تحرير المزيد من المحتجزين، مما دفع المعارضة الإسرائيلية إلى تحميل نتنياهو مسؤولية إفشال المسار الدبلوماسي والعودة إلى الحرب.
إفشال المفاوضات والعودة إلى المواجهة العسكرية
تؤكد مصادر إسرائيلية أن الحكومة فشلت في استغلال الهدنة للتفاوض على صفقة شاملة لإطلاق سراح جميع الرهائن. فقد رفضت "حماس" تعديلات اقترحتها إسرائيل بشأن الاتفاق، مشددة على أنها لن تفرج عن باقي الأسرى البالغ عددهم 59، بينهم 24 يعتقد أنهم على قيد الحياة، إلا في إطار اتفاق يشمل وقفًا دائمًا لإطلاق النار وانسحابًا إسرائيليًا من قطاع غزة.
في ظل هذه التوترات، تجد إسرائيل نفسها عالقة بين انقساماتها الداخلية وتصاعد الضغوط الدولية لوقف التصعيد في غزة. فبينما يواصل نتنياهو سياساته التي تُرضي قاعدته اليمينية والمتدينين، يواجه احتجاجات متزايدة في الداخل وانتقادات خارجية بشأن استمرار العنف والتدهور الإنساني في غزة.
يُظهر مشهد إقرار موازنة 2025 بوضوح مدى الانقسام في إسرائيل، حيث لا تقتصر التحديات على الخلافات الداخلية حول الإنفاق والسياسات الاجتماعية، بل تمتد أيضًا إلى إدارة الأزمة في غزة وتعامل الحكومة مع قضية الرهائن.