التصعيد في غزة.. أزمة إنسانية وصدام بين أوروبا وإسرائيل

مع تجدد القصف الإسرائيلي على قطاع غزة بعد انتهاء وقف إطلاق النار، تتفاقم الأزمة الإنسانية، ويحتدم الجدل الدبلوماسي بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل حول مستقبل القطاع ومسار التسوية السياسية. وفي هذا السياق، شددت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، على ضرورة استئناف الحوار باعتباره الحل الوحيد لوقف المعاناة، محذرة من تداعيات التصعيد على الاستقرار الإقليمي.
تباين في الرؤى حول غزة
خلال مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر في القدس، أكدت كالاس أن وقف إطلاق النار هو الخطوة الأساسية نحو تهدئة الأوضاع، داعية إسرائيل إلى تسهيل إدخال المساعدات الإنسانية، وحركة "حماس" إلى إطلاق سراح المحتجزين. كما شددت على أن العمليات العسكرية الإسرائيلية يجب أن تظل "متناسبة"، مشيرة إلى أن الهجمات على سوريا ولبنان قد تؤدي إلى توسيع رقعة النزاع.
في المقابل، أبدت كالاس رفضها للحديث عن ضم أجزاء من غزة، معتبرة ذلك "غير مقبول"، كما أعربت عن قلقها من استمرار القصف العنيف الذي يهدد المدنيين الفلسطينيين، مشيرة إلى أن أي حل مستقبلي للقطاع يجب أن يستبعد "حماس" من الحكم، ما يعكس توجه الاتحاد الأوروبي نحو إعادة هيكلة الإدارة في غزة بما يتوافق مع رؤيته للتسوية.
دعم إعادة الإعمار وإقصاء الفصائل المسلحة
في القاهرة، التقت كالاس وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، حيث أكدت التزام الاتحاد الأوروبي بحل الدولتين كمسار وحيد لتحقيق السلام. بدوره، شدد عبد العاطي على أن إعادة إعمار غزة يجب أن تتم بعيدًا عن سيطرة الفصائل الفلسطينية، مع ضرورة تشكيل هيئة شرطية لضمان الأمن والنظام.
كما دعا الوزير المصري الاتحاد الأوروبي إلى المشاركة في تنفيذ الخطة العربية لإعادة إعمار غزة، والمساهمة في المؤتمر الدولي الذي تخطط مصر لاستضافته، مؤكداً ضرورة وجود "أفق سياسي يمنح الفلسطينيين أملاً في إقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية".
نزوح واسع ونقص حاد في الإمدادات
على الصعيد الإنساني، حذرت وكالة "الأونروا" من تفاقم الأزمة داخل غزة، مشيرة إلى أن مخزون الدقيق بدأ ينفد، وأن نحو 124 ألف شخص نزحوا خلال أيام قليلة هربًا من القصف الإسرائيلي. ووصفت الوضع الإنساني بأنه "كارثة متفاقمة"، مطالبة بإنهاء الحصار والسماح بإدخال المساعدات العاجلة.
ووسط هذا المشهد، أعلنت الوكالة أن الغارات الإسرائيلية، الثلاثاء الماضي، أسفرت عن مقتل أكثر من 400 فلسطيني، في واحد من أكثر الأيام دموية منذ اندلاع الحرب قبل 17 شهرًا.
عقبات أمام اتفاق جديد لوقف إطلاق النار
بعد انتهاء المرحلة الأولى من الهدنة، لم تتمكن إسرائيل و"حماس" من الاتفاق على شروط المرحلة الثانية، ما أدى إلى استئناف العمليات العسكرية بوتيرة عنيفة. ومع تصاعد الضغوط الدولية لفرض وقف جديد لإطلاق النار، تبقى التساؤلات قائمة حول مدى استجابة الطرفين لمبادرات التسوية، وما إذا كانت جهود الاتحاد الأوروبي والدول العربية قادرة على تحقيق اختراق دبلوماسي يضع حدًا لهذا النزاع المستمر.