اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار

بن غفير و”الشاباك” في قلب العاصفة.. أزمة غير مسبوقة داخل الحكومة الإسرائيلية

 وزير الأمن القومي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير
وزير الأمن القومي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير

تشهد الساحة السياسية الإسرائيلية توتراً متصاعداً بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي "الشاباك"، على خلفية اتهامات متبادلة بشأن تحقيق سري يُزعم أنه استهدف وزير الأمن القومي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير. هذه الأزمة تعكس صراعاً أعمق داخل المؤسسات الإسرائيلية، حيث تتشابك الخلافات السياسية مع الأجهزة الأمنية في سياق غير مسبوق.

جذور الأزمة

بدأت الأزمة مع تقرير نشرته "القناة 12" الإسرائيلية، زعمت فيه أن "الشاباك" أجرى تحقيقاً حول احتمال تسلل عناصر يمينية متطرفة إلى جهاز الشرطة، وسط مزاعم بتدخل سياسي من قبل بن غفير.
التقرير أثار ردود فعل حادة، حيث نفى مكتب نتنياهو بشكل قاطع أن يكون قد أعطى تفويضاً لرئيس "الشاباك"، رونين بار، لإجراء تحقيق كهذا. واعتبر نتنياهو أن هذه المزاعم تهدف إلى تقويض حكومته والإطاحة بها.
في المقابل، أكد "الشاباك" أنه لم يجرِ أي تحقيق ضد بن غفير أو ضد جهاز الشرطة، نافياً صحة التقرير الإعلامي. ومع ذلك، فإن هذا النفي لم يكن كافياً لتهدئة العاصفة السياسية التي اندلعت بسبب هذه الادعاءات.
صراع النفوذ بين الحكومة والمؤسسات الأمنية
تسلط هذه الأزمة الضوء على التوتر المتزايد بين الحكومة الإسرائيلية والمؤسسات الأمنية، وهو توتر ليس بجديد، لكنه ازداد حدّة في ظل حكومة نتنياهو الحالية، التي تعد الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل. فعلى الرغم من أن الأجهزة الأمنية، بما في ذلك "الشاباك"، لطالما كانت بعيدة عن الصراعات الحزبية، إلا أن محاولات التدخل السياسي في عملها أصبحت أكثر وضوحاً في السنوات الأخيرة.
نتنياهو، الذي يواجه انتقادات داخلية وخارجية، يسعى إلى إحكام قبضته على مؤسسات الدولة، وهو ما يظهر جلياً في محاولته إقالة رونين بار من منصبه كرئيس "للشاباك". ومع ذلك، فقد علّقت المحكمة العليا الإسرائيلية هذا القرار، ما يعكس وجود مقاومة قانونية لمثل هذه التحركات.
ردود الفعل والتداعيات السياسية
ردّ فعل بن غفير على هذه الأزمة كان متوقعاً، إذ وصف رئيس "الشاباك" بـ"المجرم" و"الكاذب"، متّهماً إياه بالتآمر ضد المسؤولين المنتخبين. هذه التصريحات تعكس مدى التوتر داخل الحكومة الإسرائيلية، حيث يبدو أن العلاقة بين الأجنحة المختلفة للحكومة والأجهزة الأمنية تتجه نحو مزيد من التصعيد.
أما المعارضة الإسرائيلية، فقد استغلت هذه الأزمة لانتقاد حكومة نتنياهو، معتبرة أن هذا الصراع يعكس ضعف القيادة، ويؤكد مخاوفها من محاولات الحكومة تقويض استقلالية المؤسسات الأمنية.
هل نحن أمام أزمة ديمقراطية؟
القضية هنا لا تتعلق فقط بالخلاف بين نتنياهو و"الشاباك"، بل تطرح تساؤلات أعمق حول مستقبل الديمقراطية الإسرائيلية. فمحاولات السيطرة على الأجهزة الأمنية، وإقالة مسؤوليها، قد تؤدي إلى تآكل استقلاليتها، مما يضع إسرائيل أمام تحديات غير مسبوقة في إدارتها لمؤسسات الدولة.
في ظل هذا التصعيد، يبدو أن الأزمة لن تنتهي قريباً، خاصة مع تدخل المحكمة العليا، وتصاعد الاتهامات المتبادلة. السؤال الأهم الآن هو: إلى أي مدى سيؤثر هذا الصراع على استقرار الحكومة؟ وهل ستنجح المؤسسات الأمنية في الحفاظ على استقلاليتها وسط الضغوط السياسية المتزايدة؟ الأيام القادمة كفيلة بالكشف عن الإجابات، لكن ما هو مؤكد أن إسرائيل تمرّ بمرحلة سياسية وأمنية غير مسبوقة قد تعيد رسم ملامح السلطة داخلها.