صراع سياسي.. الرئيس التركي يعتقل منافسة المحتمل

تكشف التطورات الأخيرة في تركيا عن تصعيد واضح في المواجهة السياسية بين المعارضة والسلطة الحاكمة، حيث يأتي اعتقال أكرم إمام أوغلو، رئيس بلدية إسطنبول، في سياق أوسع من محاولات تقويض فرصة السياسية. فبعد سحب شهادته الجامعية، أصبح من الواضح أن هذه الخطوة تهدف إلى منعه من المنافسة في الانتخابات الرئاسية لعام 2028.
يأتي اعتقال رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، في توقيت حساس يعكس اشتداد المواجهة بين الحكومة والمعارضة التركية. فمع كونه المنافس الأبرز للرئيس رجب طيب أردوغان، يثير هذا الاعتقال، إلى جانب إلغاء شهادته الجامعية، تساؤلات حول مدى استخدام السلطة للأدوات القانونية لإضعاف خصومها السياسيين.
تفيد التقارير بأن قوات الأمن داهمت منزل إمام أوغلو، حيث وصف فريقه هذا الإجراء بأنه ذو دوافع سياسية، خاصة أنه جاء بالتزامن مع استعداد حزب الشعب الجمهوري لاختيار مرشحه الرئاسي. ووفقًا لمنتقدي الحكومة، فإن سحب شهادته الجامعية قد يكون محاولة مباشرة لمنعه من الترشح في انتخابات 2028، حيث يشترط القانون التركي امتلاك المرشحين شهادة جامعية معترف بها.
هل إلغاء الشهادة أداة قانونية أم سياسية؟
جاء قرار مجلس إدارة جامعة إسطنبول بإلغاء شهادة إمام أوغلو ضمن مراجعة أوسع شملت 38 شخصًا آخرين. ورغم أن السلطات تقدم مبررات قانونية لهذه الخطوة، يرى مراقبون أن القرار يحمل أبعادًا سياسية واضحة، خاصة أن إمام أوغلو اعتبر الإجراء غير قانوني ووعد بمواصلة نضاله السياسي والقانوني.
من جانبها، تبرر الحكومة هذا القرار بأن الجامعة التي تخرج منها إمام أوغلو لم تكن معترفًا بها رسميًا من قبل مجلس التعليم العالي التركي. ومع ذلك، يؤكد إمام أوغلو أنه حصل لاحقًا على شهادة معادلة من جامعة إسطنبول، مما يجعل شهادته سارية وفقًا للقانون. هذه الحجة القانونية تعكس أبعاد النزاع المستمر بين السلطة والمعارضة، حيث يتم توظيف قضايا قانونية وأكاديمية ضمن إطار الصراع السياسي.
نجاحات سياسية وملاحقات قضائية
يمثل أكرم إمام أوغلو شخصية سياسية صاعدة نجحت في تحقيق مكاسب كبيرة للمعارضة، حيث استطاع قلب موازين القوى في إسطنبول بعد سنوات من سيطرة حزب العدالة والتنمية. فمنذ انتخابه رئيسًا للبلدية في 2019، تعرض لسلسلة من القضايا والاتهامات، بما في ذلك مزاعم فساد وتزوير عقود مالية، وهي تهم ينفيها ويعتبرها جزءًا من استهدافه السياسي.
ورغم إقصائه عن الانتخابات الرئاسية الماضية بسبب حكم قضائي، لا يزال يُنظر إليه كأحد أخطر المنافسين لأردوغان في المستقبل. فنجاحه في الانتخابات البلدية الأخيرة عام 2023 عزز شعبيته وجعله مرشحًا محتملاً لرئاسة حزب الشعب الجمهوري، وهو ما قد يفسر التصعيد ضده في هذا التوقيت.
ماذا بعد؟
يمثل اعتقال إمام أوغلو ومنع ترشحه المحتمل نقطة تحول في السياسة التركية. فإما أن يؤدي ذلك إلى تقويض المعارضة وإضعافها، أو قد يكون عاملًا محفزًا لتوحيد صفوفها ضد سياسات أردوغان. وعلى الرغم من أن السلطات التركية تؤكد أن قراراتها قانونية، إلا أن التوقيت السياسي يجعلها تبدو كجزء من معركة أوسع للحد من نفوذ إمام أوغلو وإبعاده عن المنافسة.