اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارون رئيس التحرير محمود نفادي

وماذا بعد الغضب والإدانة والشجب ؟!

الكاتبة سكينة فؤاد
الكاتبة سكينة فؤاد

لم يمر يومان أو ثلاثة من قمة الرياض، إلا وكانت إسرائيل تضرب عرض الحائط بقرارات 57 دولة عربية وإسلامية، وتضاعف مجازرها وغاراتها على مستشفيات ومدارس الأونروا بغزة التى يتحصن بها النازحون، وبينما شلالات دم الشهداء يتوالى نزيفها كان البترول العربى يتدفق على الولايات المتحدة وأوروبا، لقد كانت كلمة مصر أكثر الكلمات تحديدا بالرسائل الست التى دعا الرئيس السيسى العالم لاتخاذها، وتكررت الإدانات وضرورة إيقاف العقاب الجماعى باعتباره انتهاكا للقانون الدولى والإنساني، والتحذيرات من امتداد الصراع للمنطقة كلها، وكانت كلمه الرئيس الإيرانى من أقوى الكلمات فى إدانة أمريكا كشريك أساسى فيما يرتكبه الكيان الصهيونى من جرائم وإفشال دور المنظمات الدولية، وكذا الدول الغربية وفى مقدمتها بريطانيا المسئولة عن أكبر جرائم العصر بزراعة الكيان الاستيطانى فى أرض فلسطين، ويتواصل الصمت المريب والشريك على استهانة الكيان الصهيونى بكل ما صدر من قرارات دولية لقيام دولة فلسطينية مستقلة فى مجمل الأراضى التى احتلت بعد 1967 وعاصمتها القدس الشرقية .. ترى كم من آلاف المرات كتبت هذه العبارات والنداءات وما من مستجيب! وتكررت مطالبات بعض الوفود فى المؤتمر بعرض الجرائم التى ترتكب فى غزة على مجلس الأمن وعلى الجمعية العامة للأمم المتحدة وهو ما حدث خلال أيام الحرب دون توقيع إدانات، وقبل الحرب بأيام عرض نيتانياهو على منبرها خريطة سماها الشرق الأوسط الجديد وألغى فيها وجود دولة للفلسطينيين!! ولم يتحرك أحد معترضا، هل لم يستمع هذا العالم الأصم لتصريحات رؤساء بعثات طبية أجنبية ومنها البعثة النرويجية، وهو ينفى ان تكون المقاومة قد استخدمت المستشفيات أثناء وجوده منذ 15 عاما؟ ألم يشهدوا ما حكته طبيبة أجنبية من بين دموعها عما وصلها من زملاء لها يعملون فى غزة عن ما يحدث من مشاهد الجثث الممزقة للأطفال والكبار والمرضى بعد ان تحولت غزة كما وصفوها إلى مقبرة ضخمة، او جهنم يدفن ويحترق فيها من تبقى من سكانها وهم ينزحون من الشمال للجنوب.

لقد كان عماد البيان الختامى للقمة النقاط الست التى طرحتها مصر بعد ان وجهت لها اغلب الوفود تحية لدعمها لأبناء غزة منذ بدأت الحرب، وللقضية الفلسطينية فى مجملها ورفضها للتهجير القسرى إلى سيناء حتى لا يتحقق جزء من المخطط الصهيونى الذى يستهدف إقامة دولة تبتلع فلسطين كلها وجميع الدول العربية المحيطة بها، ومن النيل إلى الفرات كما كتبت فى مقال الأسبوع الماضى ولكننى اعتبر كل ما جاء فى المؤتمر وما صدر عنه من قرارات مقدمات لعبارة مهمة كنت أنتظر ان تستكملها وفود المؤتمر فى بيانه الختامى.. أما العبارة المهمة التى للأسف لم تستكمل فهى ماذا يقرر المجتمعون اذا لم يلتزم الكيان الصهيونى بقرارات المؤتمر، وماذا يقدمون لأبناء لإيقاف هذا الموت المعلن عليهم والدمار الذى اجتاح مبانيهم ومدارسهم ومستشفياتهم وحول بلدهم إلى مقبرة؟!.

مرة أخرى أتساءل ما الذى يمنع التهديد بإيقاف تصدير البترول لمن يدعمون هذه الممارسات الإجرامية للصهاينة، ثم تنفيذه بالفعل إذا لم يتوقف الدعم الأمريكى والأوروبى للكيان الذى يواصل جرائم الحرب فى غزة بعد ان حولوها بالفعل إلى اكبر سجن فى العالم؟!

ما الذى يمنع تكوين جيش أممى إسلامى وعربى من رموز من جيوش الدول التى تستطيع المشاركة للدخول عبر شواطئ غزة المستقلة دوليا، لتمكين أبنائها من أرضهم واستكمال ما أرادت ان تفعله المقاومة من تحرير للقطاع من مجازر وجرائم الحرب التى يرتكبها الكيان الصهيوني؟ ثم الا تفرض هذه الأحداث الدامية غير المسبوقة فى تاريخ التوحش والعدوان عودة وحدة الصف الفلسطينى وانضمام القطاع للضفة الغربية لإعلان الدولة المحررة بإرادة شعبها ومقاومتها؟ أيضا لا أستطيع أن أنسى ما تستطيع أن تفعله المقاطعة التجارية الكاملة للكيان الإرهابى ممن يتعامل معهم من بين 57 دولة من أعضاء المؤتمر وبالطبع إيقاف جميع أشكال تطبيع دول المنطقة مع قتلة ومصاصى دماء أخوانهم فى فلسطين خاصة بعد ما فعلته المقاومة من كسر أنف وغرور واستقواء العدو الصهيونى وكشف أوجه القصور فى أنظمته الدفاعية والمخابراتية، وكما فعلت مصر بانتصارها العظيم فى 6 أكتوبر 1973 على العدو الصهيونى وإسقاط دفاعاته الحصينة التى أقامها على الضفة الشرقية للقناة، وفى مقدمتها خط بارليف الذى قالوا عنه انه حتى القنابل الذرية لن تسقطه.

لقد استكملت قمة الرياض للدول العربية والإسلامية قمة القاهرة للسلام، ويجب ألا تمر هذه القمم بقراراتها المهمة كأنها لم تكن وبما يجعل العدو يتوهم أنه يستطيع أن ينفذ مخططاته الآثمة والشيطانية، التى أعدها لابتلاع اغلب دول المنطقة كما يرتكب فى غزة ما لا يقوى العقل على تصديقه من جرائم بشعة بينما تقف الأمة مستسلمة لأطماعه ومجازره وإباداته وإخلائه القسرى لأبناء غزة، وعاجزة عن أن تضع نهاية له .

ولا استطيع ان اختتم مقالى دون أن أرسل من القاهرة تحية تقدير لمجموعة من المحامين الكبار فى فرنسا الذين دعوا كل من يريد أن ينضم إليهم من محامين فى العالم يكونوا جيشا للدفاع القانونى عن أبناء غزة، معلنين أنهم سيكونون محامين عنهم وعما يحدث لهم ويدينون ما ترتكبه إسرائيل من جرائم حرب أمام جميع المحافل القانونية الدولية واستصدار أحكام ملزمة بإيقافها، وقد أنضم لهذه الجبهة القانونية حتى كتابة هذه السطور 300 محام من أنحاء العالم، وأرجو من هذه الجبهة القانونية أيضا محاسبة ومحاكمة حكام ورؤساء بلادهم وكل من دعموا وأيدوا جرائم الكيان الصهيونى وعلى رأسهم الإدارة الأمريكية.