اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارون مدير عام التحرير محمد سلامة
«الأوقاف المصرية» تضع خطة شاملة لتطوير الدعوة ومواجهة التطرف في شمال سيناء كيف نميز بين وسوسة الشيطان ودعوة النفس؟.. الدكتور علي جمعة يوضح مفتي الديار المصرية: تجديد الخطاب الديني هدفه استيعاب الواقع المتجدد برؤية حكيمة مدير الجامع الأزهر: الإسلام يدعو إلى الأمن والأمان والتمسك بالأحكام لتحقيق سعادة البشرية مفتي الديار المصرية لوفد برنامج الأغذية العالمي: مستعدون للتعاون في كل ما ينفع البشرية أمين ”البحوث الإسلامية”: الشريعة حرصت على البناء المثالي للأسرة بأسس اجتماعية سليمة بالقرآن والسنة.. الدكتور علي جمعة يكشف حكم زواج المسلمة من غير المسلم أمين مساعد البحوث الإسلامية: التدين ليس عبادة بالمساجد بل إصلاح وعمارة الكون الأوقاف المصرية: إيفاد سبعة أئمة إلى “تنزانيا والسنغال والبرازيل” «الإسلام وعصمة الدماء».. الجامع الأزهر يحذر من استباحة دماء المسلمين الأوقاف المصرية تعلن موضوع خطبة الجمعة القادمة.. ”أَنْتَ عِنْدَ اللهِ غَالٍ” حكم عسكري في غزة.. بين استراتيجيات الماضي ومخاطر المستقبل

علي جمعة: تطور الإنسان العقلي والحضاري مرتبط بحسن توافقه مع البيئة والكون

الدكتور على جمعة
الدكتور على جمعة

قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء، إن العلاقة تقوم بين الإنسان والكون على التوافق والانسجام، ومنذ هبط الإنسان إلى الأرض، وقد ارتبط تطوره العقلي والحضاري بحسن توافقه وتكيفه مع البيئة والكون، وحسن استخدامه وانتفاعه بمفردات الحياة. فلا يحق له بأي حال الإساءة إليه، بل يجب عليه احترامه ورعايته.

والمسلم خاصة يتعامل مع مخلوقات الله من منطلق الشعور بالمساواة معها، والمشاركة في العبودية لإله واحد، وترتبط علاقاته بغيره بمدى تعلقه والتفاته إلى ربه، فهو يتوجه بالحب إلى الله ومن خلال ذلك الحب يتوجه بالحب إلى ما أبدع وصنع، ولذلك نراه يستوي عنده ضعف المخلوقات وقوتها، حقارتها وعظمتها؛ لأن نظره لا يتعلق بها، بل يتعلق بخالقها القوي الحكيم؛ فالمسلم يقدس من عالم الأشياء المصحف والكعبة وقبر النبي محمد ونحوها، لمكانتها عند الله -عز وجل- وتقديسه لها يجمع بين الاحترام والحب.

ولقد أعطى النبي أصحابه درسًا في حب الجماد والتفاعل معه ومجاوبته حينما حن إليه الجذع ومال، فَعَنْ جَابِرٍ: «كَانَ الْمَسْجِدُ مَسْقُوفًا عَلَى جُذُوعٍ مِنْ نَخْلٍ، فَكَانَ النَّبِيُّ إِذَا خَطَبَ يَقُومُ إِلَى جِذْعٍ مِنْهَا، فَلَمَّا صُنِعَ لَهُ الْمِنْبَرُ، وَكَانَ عَلَيْهِ، فَسَمِعْنَا لِذَلِكَ الْجِذْعِ صَوْتًا كَصَوْتِ الْعِشَارِ -وهو صوت يخرج من الصدر فيه رقة- حَتَّى جَاءَ النَّبِيُّ، فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا، فَسَكَنَتْ». [رواه البخاري].

وعندما مر النبي على جبل أحد، وعلى الرغم من أنه كان موطنًا أصاب المسلمين فيه قرحٌ وأصاب النبيَّ جرح، واستُشهد عليه عمه حمزة بن عبد المطلب فحزن النبي لذلك، رغم ذلك؛ فإنه أشار إليه وقال: «هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ» [البخاري]، فالجبل أحب المسلمين، والمسلمون يحبون هذا الجبل، وإن كان ما حدث في موقعة أحد أدعى إلى أن يتشاءم المسلمون منه.

ولم يكن هذا الأمر من التفاعل مع الجماد في البيئة الإنسانية مقصورًا في حياة رسول الله بعد بعثته، بل قبلها فقد قال: «إِنِّي لأَعْرِفُ حَجَرًا بِمَكَّةَ كَانَ يُسَلِّمُ عَلَىَّ قَبْلَ أَنْ أُبْعَثَ، إِنِّي لأَعْرِفُهُ الآنَ» [مسلم]، فالنبي يذكر أنه لم يتجاهل الحجر بعد البعثة، بل ظل يعرفه ويتعلق به، ولم يفعل ذلك إلا لكونه مخلوقًا لله أحبه وعظمه؛ فقد كان يسلم عليه قبل بعثته مبشرًا له ومعلمًا بما سَيُكَلَّفُ به النبي من تحمل الرسالة وأدائها. ولم يكن تفاعل عالم الجماد مع رسول الله مقصورًا على العالم الأرضي، بل السماوي أيضًا، فنجد القمر ينشق نصفين معجزة له، فَإِنَّ أَهْلَ مَكَّةَ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ يُرِيَهُمْ آيَةً فَأَرَاهُم انْشِقَاقَ الْقَمَرِ، قال الخطابي: انشقاق القمر آية عظيمة لا يعادلها شيء من آيات الأنبياء؛ لأنه ظهر في ملكوت السماء، والخطب فيه أعظم، والبرهان به أظهر؛ لأنه خارج عن جملة طباع ما في هذا العالم من العناصر. [عمدة القاري شرح صحيح البخاري].