من يحكم باكستان؟| اللعنة تطارد رؤساء وزراء إسلام أباد.. وقوتها النووية قنبلة موقوتة في ظل الصراعات الداخلية
تضرب الصراعات الداخلية باكستان إثر انقسامات سياسية عميقة ما بين الحكومة والجيش، حيث أن إدانة رئيس حكومة باكستان السابق عمران خان بالفساد وتعريض الأمن القومي للخطر والإساءة للدين الإسلامي، تعيد إلى الأذهان تاريخ باكستان المتشابك.
وتطاردت اللعنة رؤساء وزراء باكستان على مدى عقود، منذ حصول البلاد ذات القوي النووية على استقلالها من الحكم البريطاني في 1947، سبق عمران خان كثيرون، حيث أن معظم الرؤساء السابقين لم تكن نهايتهم عادية، ومنذ عام 1947 حتى يومنا هذا، حكم جنرالات الجيش في مناسبات عديدة البلاد، وتداول إدارتها 20 رئيس وزراء، أزيح غالبيتهم قبل انتهاء ولايتهم بذرائع متباينة من بينها الفساد والانقلابات والإقالات القسرية جراء خلافات داخلية لدى الجماعات الحاكمة.
لا يتوقّف الأمر على عمران خان. الأمر متوقّف بالدرجة الأولى على الجيش وقيادته. ففي عام 2018 تبنّى الجيش ترشيحه لرئاسة الحكومة ودافع عنه وأيّده بكلّ إمكاناته. أمّا الآن فلم يعد يرى عنده الولاء الكافي، وبالتالي لم يعد المرجع الصالح. فعمل الجيش على إخراجه من السلطة على الرغم من أنّه فاز بالأكثرية المطلقة في الانتخابات البرلمانية الأخيرة.
وحمل عام 1993 الرقم القياسي في تداول كرسي رئاسة الوزراء، إذ شهد المنصب 5 تغييرات متتالية (نواز شريف، بلخ سير مزاري، نواز شريف مجدداً، معين الدين أحمد قرشي، بي نظير بوتو)، وسجلت أقصر فترة رئاسة للحكومة الباكستانية عام 1971، وكانت 13 يوماً، أما أطول الفترات فمسجلة باسم نواز شريف الذي حكم 4 سنوات و53 يوماً متتالية.
الصراعات تنهك باكستان
أدّى الصراع على أفغانستان والصراع معها إلى استنزاف اقتصادي واجتماعي لا تزال باكستان تدفع ثمنه غالياً. وزاد الطين بلّة تعرّض باكستان لفيضانات جرفت الأخضر واليابس من الزرع، ولهزّات أرضية دمّرت قرى وشرّدت مئات الآلاف.
وبعد الانسحاب الأميركي من أفغانستان، عادت مخالب حركة طالبان للنموّ من جديد، وبدأت تهدّد الأمن الباكستاني في مناطق الحدود حيث يكاد لا يمرّ أسبوع دون وقوع اشتباك مسلّح يذهب ضحاياه جنود ومواطنون باكستانيون من أهالي القرى المجاورة.
أدّى استمرار النزف وتصعيده إلى استمرار الدور الاستثنائي للجيش ولقائده، وهو ما يشكّل المعادلة الخاصة التي تقوم عليها الحياة السياسية في باكستان حتى اليوم.
في مارس الماضي قام قائد الجيش بزيارة السعودية التي تُعتبر الظهير العربي الأوّل لباكستان والداعم لها اقتصادياً وسياسياً منذ عقود طويلة. ثمّ زار القيادة العسكرية الأمريكية في واشنطن بالولايات المتحدة، وتشكّل الرياض وواشنطن جناحَيْ الطائر الباكستاني في مواجهة العواصف السياسية – العسكرية التي تضرب المنطقة.
من هذه العواصف، سوء العلاقات بين الهند وباكستان. ومنها أيضاً القلق الأمريكي – الهندي المشترك من أن تجد باكستان نفسها مضطرّة إلى الارتماء في الحضن الصيني اقتصادياً وحتى عسكرياً.
وتملك باكستان ترسانة نووية، إلا أنّ تعثّرها الاقتصادي يجعل منها قنبلة موقوتة في منطقة متفجّرة.