”الإفتاء” توضح حكم احتكار السلع واستغلال حاجة الناس
ورد سؤال إلى دار الإفتاء المصرية، حول حكم احتكار السلع واستغلال حاجة الناس.
وأجابت دار الإفتاء على السؤال قائلة:" إن الاحتكار هو منع السلع عن الناس؛ عن طريق شراء السلع وتخزينها، فتقِلُّ بين الناس، فيرفع البائع من سعرها استغلالًا لقلَّتها، ويصيب الناس بسبب ذلك ضررُ عظيم، وهذا الفعل حرام شرعًا؛ وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا يَحْتَكِرُ إِلَّا خَاطئ».
وتابعت، أن الاحتكار خيانة للوطن والمجتمع. فهو يُضعف الاقتصاد ويهدِّد الأمن وينشر الفساد؛ لذلك تبذل الدولة جهودًا كبيرة لمحاربة الاحتكار والاستغلال وتعزيز النزاهة والشفافية في البيع والشراء. دعونا نبذل جهودنا لرفض الاحتكار.
وأكدت أن الاحتكار حرام شرعًا ومُجرَّم قانونًا؛ لمخالفته أمر الله ورسوله، وهو الإنصاف والعدل، وينتهك حقوق الناس والمال. لهذا تسعى الدولة في محاربة الاحتكار والاستغلال. دعونا نساند الدولة في منع الاحتكار.
وأشارت إلى أن التجار الذين يحتكرون السلع ويبيعونها بضعف السعر؛ ويُبرِّرون ذلك بأنهم يتَصدَّقون بالزيادة في السعر على الفقراء آثمون، وما يقومون به يُعدُّ أمرًا محظورًا شرعًا، سواء كان سيتبرع بجزء من الثمن أو لا.
وأضافت: أمَّا مَنْ يشتري من هذا البائع مع عدم وجود ضرورة لذلك، أو مع وجود طريقة أخرى للشراء أو وجود سلعة أخرى تقوم مقامها، فهو بهذا الفعل يكون قد قَدَّم عَوْنًا على مخالفة أوامر الله تعالى وارتكب محظورًا وإثمًا، وأمَّا مَن كانت له حاجة في الشراء ولا يجد طريقة أخرى لشرائها، فهو مضطر لذلك، وغير مؤاخَذٍ به، والإثم يكون على البائع فقط.
وأكدت أن الله تعالى حَرُم الاحتكارُ لما يحمله من الإضرار بالناس الحاصل بالسيطرة على السلع التي يحتاجون إليها أوقات الأزمات؛ ولذا فهو من الكبائر؛ وذلك لأنَّ الإضرار بالغير الذي لا يُحْتَمل عادةً هو من الكبائر؛ فإذا انضاف إلى ذلك كون هذا الاحتكار مرتبطًا بأقوات الناس أوقات الأزمات؛ فهو أشد في الحُرْمة وأَغْلَظ في المنع.
وتستخدم لفظة [الاحتكار] بدلالة أوسع من الدلالة الشرعية، فتطلق على من يتعاقد مع صاحب حرفة ويقتصر أداء حرفته لمصلحة هذا الشخص وفق العقد فيقال: أن صاحب العمل احتكر صاحب الحرفة.
وتطلق على التاجر الذي يأخذ توكيل سلعة معينة أو خدمة. سواء أكانت هذه السلعة ضرورية أو غير ضرورية، وسواء أحسن الالتزام بسياسة الأسعار أم لم يحسن، فمجرد أنه وحده في السوق فيسمى ذلك من الناحية الاقتصادية احتكارا. وقد يخلط المسلم بين الاحتكار المذموم شرعا الوارد في نصوص الشرع، وبين استخدامات الناس للاحتكار. ولذا لابد من بيان المقصود من الاحتكار في الشرع.
وأوضحت، أن الاحتكار شرعا هو شراء القوت وقت الغلاء، وإمساكه وبيعه بأكثر من ثمنه للتضييق، وهو محرم ومن يفعله آثم لما ورد : " المحتكر ملعون " [رواه ابن ماجه في سننه والحاكم في المستدرك]. وحديث "من احتكر طعاما أربعين ليلة فقد برئ من الله، وبرئ الله منه " [رواه أحمد في مسنده والبزار والطبراني في الأوسط].
ويجري الاحتكار في كل ما يحتاجه الناس، ويتضررون من حبسه ، من قوت وإدام ولباس وغير ذلك. الحكمة في تحريم الاحتكار رفع الضرر عن عامة الناس .
ولذا فقد أجمع العلماء على أنه لو احتكر إنسان شيئا ، واضطر الناس إليه ولم يجدوا غيره ، أجبر على بيعه دفعا للضرر عن الناس ، وتعاونا على حصول العيش.