في قبضة الإرهاب.. بوكو حرام تمارس تجارة الرعب باختطاف الأبرياء في أفريقيا
تلجأ جماعة بوكو حرام الإرهابية النيجيرية إلى الاختطاف كأسلوب مُرعب لجمع الأموال وتمويل أنشطتها الدموية. وتُعدّ هذه الممارسة انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان، وتُلقي بظلالها القاتمة على حياة العديد من الضحايا وعائلاتهم.
تُطالب بوكو حرام بفدية مالية مقابل إطلاق سراح المختطفين. وتُستخدم هذه الأموال لشراء الأسلحة والذخائر وتمويل عمليات الجماعة، وتستخدم بوكو حرام المختطفين كأوراق ضغط على الحكومة النيجيرية لتقديم تنازلات
وتتعدد الدوافع التي تجعل الجماعات الإرهابية في إفريقيا تسعى جاهدةً لشنِّ مزيدٍ من عمليات الاختطاف واحتجاز الرهائن، من بينها التمويل، وهو الدافع الرئيس، ولذلك اعتمدت التنظيمات الإرهابية والخلايا النائمة التابعة لها في إفريقيا على اختطاف السياح الغربيين والجنود؛ للمطالبة بدفع فدية للإفراج عنهم، وقُدِّرت عائدات اختطاف الرهائن بـ 50 مليون دولار عام 2020. وحسب شركة الاستخبارات الأمريكية الخاصة "ستراتفور"، يتم دفع حوالي 100 مليون دولار لجماعات مثل "بوكو حرام" في نيجيريا، و"تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي" في مالي، و"الشباب" في الصومال، وهو ما يسمح لهم بشراء الأسلحة، كما تُقَدِّر وزارة الخزانة الأمريكيّة إيرادات جماعة "بوكو حرام" بـ 10 ملايين دولار سنويًّا، وتأتي معظم هذه الإيرادات من أعمال خطف أجانب ومواطنين محليين أثرياء، واحتجازهم حتى يتمَّ دفع الفديَّة المطلوبة، ثمّ إطلاق سراحهم بعد ذلك. ومن أبرز الأمثلة على اختطاف الأثرياء قيام "بوكو حرام" باختطاف رجل أعمال نيجيري، وإطلاق سراحه بعد دفع فديَّة مقدارها مليون دولار.
ومن الدوافع أيضًا استخدام المخطوفين في المقايضة مع الحكومة؛ لإطلاق سراحهم مقابل مبالغ مالية ضخمة، أو إجراء عملية تبادل مع المقبوض عليهم من عناصرها الإرهابيين. وفي ذلك أعلن وزير العدل المالي "محمد علي باتيلي"، الإفراج عن 4 سجناء مقابل تحرير المواطن الفرنسي "سيرج لازارفيك"، والذي أُطلق سراحه بعد 3 سنوات في الأسر في أيدي "تنظيم القاعدة" المتمركز شمالي البلاد.
كما تتجه الجماعات الإرهابية في إفريقيا إلى أسلوب الاختطاف من أجل تجنيد عناصر جدد لتعويض نقص المقاتلين في صفوفها، ومن ثمَّ الاعتماد عليهم في عملياتها الانتحارية. وتأتي نيجيريا على رأس قائمة الدول الأكثر خطرًا جرَّاء هذه الظاهرة، تليها في ذلك مالي، والنيجر، وكينيا، وجمهورية الكونغو الديمقراطية. وتعتمد جماعة "بوكو حرام" في نيجيريا على المختطفات، وتوظيفهن في عملياتٍ تفجيرية موجهة ضد أهداف عامة. وفي هذا الصدد قالت منظمة العفو الدولية: إن ما لا يقل عن 2000 امرأة وفتاةٍ اختطفتهن جماعة "بوكو حرام" في نيجيريا منذ بداية 2014، وأخريات غيرهن قد أُجبرن على التدريب على القتال وكيفية تنفيذ العمليات الإنتحارية.
وليست نيجيريا فقط هي من تئِن من عمليات خطف جماعة "بوكو حرام"، ولكن منطقة بحيرة تشاد تعاني من نفس الأزمة، حيث تشير الإحصاءات إلى أن جماعة "بوكو حرام" الإرهابية قامت حتى الآن بحوالي 58 عملية اختطاف جماعي، على مدى الأعوام الخمسة الماضية، معتمدة في ذلك على العصابات المحلية، وجماعات الجريمة المنظمة العابرة للحدود، مثل الجماعات النشطة في جرائم الاتجار بالبشر، حيث أفادت مصادر أمنية أن جماعة "بوكو حرام" تجند 3 عصابات محلية لاختطاف التلاميذ في شمال غرب نيجيريا، في منطقة بعيدة عن معقل هذه الجماعة المتطرفة.
تقوم جماعة "بوكو حرام" الإرهابية عادةً باصطحاب المختطفين إلى معسكراتها الكائنة في التجمعات النائية، أو مخيمات عبور مؤقتة، كتلك الموجودة في سجن "نغوشي"، ومن تلك المخيمات المؤقتة تقوم "بوكو حرام" بنقل المختطفات إلى منازل في البلدات والقرى، ويجبروهن على تلقي تعاليم وتفسير "بوكو حرام" المتشدد للإسلام؛ بغيةَ إعدادهنَّ للزواج من مقاتلي الجماعة، ويُدربونهنَّ على كيفية القتال واستخدام القنابل.
في عام 2014، اختطفت بوكو حرام 276 طالبة من مدرسة ثانوية حكومية في بلدة تشيبوك بولاية بورنو شمال شرق نيجيريا. أثار هذا الحادث المروع ضجة إعلامية عالمية، وأصبح رمزًا لوحشية الجماعة.
في عام 2020، اختطفت بوكو حرام 344 طالبًا من مدرسة ثانوية حكومية في بلدة كانكارا بولاية كاتسينا شمال غرب نيجيريا. تمّ تحرير معظم الطلاب بعد أسبوع من المفاوضات مع الحكومة، لكنّ هذا الحادث أظهر مجددًا قدرة الجماعة على ضرب أهداف مدنية بسهولة.