سحب القوات الأمريكية من تشاد.. فرصة للجماعات المسلحة أم فخٌ جديد؟
أعلن البنتاجون مؤخرًا عن سحب بعض القوات الأمريكية من تشاد، مما أثار العديد من التساؤلات حول تداعيات هذا القرار على الأمن والاستقرار في المنطقة.
أعلن ثلاثة مسؤولين أمريكيين باسم وزارة الدفاع الأمريكية عن سحب قوات أمريكية بشكل مؤقت من تشاد، ويأتي القرار موازيًا مع الوضع الأمني المضطرب لسياسة واشنطن في منطقة الساحل الإفريقي، ومحاولات دول إفريقية مجاورة إعادة تشكيل أوسع نطاقًا للوجود الغربي على أراضيها، وعُدّ القرار ثاني ضربة كبيرة خلال أسبوع واحد لسياسة واشنطن الأمنية في مكافحة الإرهاب في غرب ووسط إفريقيا. ويتمركز في تشاد نحو أقل من 100 جندي -ما يقرب من 75 جنديًا- نشرتهم الولايات المتحدة الأمريكية في إطار استراتيجيتها لمكافحة التطرف في غرب إفريقيا، إذ تعمل القوات الأمريكية في قاعدة "أدجي كوسي" الجوية بمهمة تدريب قوات تشادية خاصة لكبح الوجود الإرهابي في المنطقة، إلى جانب وحدة خاصة من الجيش التشادي لمحاربة جماعة بوكو حرام النيجيرية. وصرّح المتحدث باسم البنتاجون "باتريك رايدر" أن خطوة إعادة نشر بعض القوات الأمريكية من تشاد مؤقتة باعتبارها جزءًا من المراجعة المستمرة للتعاون الأمني بين البلدين، التي سيتم استئنافها بعد الانتخابات الرئاسية التشادية المقرر انعقادها في 6 مايو 2024.
قد يؤدي سحب القوات الأمريكية إلى تراجع قدرات مكافحة الإرهاب في تشاد، خاصةً في ظلّ تزايد نفوذ الجماعات المسلحة في المنطقة، ويشجّع هذا القرار الجماعات المسلحة على توسيع نطاق عملياتها، مما يُهدد الأمن والاستقرار في تشاد والبلدان المجاورة، كما يؤدي سحب القوات الأمريكية إلى شعور بعض الدول في المنطقة بالقلق من التزام الولايات المتحدة بأمنها، مما قد يدفعها إلى البحث عن تحالفات بديلة.
يؤدي سحب القوات الأمريكية إلى تراجع نفوذ الولايات المتحدة في تشاد، مما قد يُفسح المجال لدول أخرى مثل الصين أو روسيا لزيادة نفوذها في البلاد، كما يؤدي هذا القرار إلى توترات بين الولايات المتحدة وحكومة تشاد، مما قد يُؤثر على العلاقات الثنائية بين البلدين، كما يشجّع سحب القوات الأمريكية بعض الدول الأخرى في المنطقة على مراجعة علاقاتها الأمنية مع الولايات المتحدة.
يؤدي سحب القوات الأمريكية إلى خسائر اقتصادية في تشاد، حيث تعتمد العديد من الشركات المحلية على الإنفاق الأمريكي، وكذلك إلى تراجع الاستثمارات الأجنبية في تشاد، مما قد يُعيق النمو الاقتصادي في البلاد.
عقب الإعلان عن قرار سحب واشنطن قواتها العسكرية من تشاد، انتشرت رواية حول سبب القرار، وفسره البعض بأنه رغبة الولايات المتحدة الأمريكية في إفشال مخطط ديبي لخوض انتخابات رئاسية ديمقراطية في 6 من مايو 2024، وشكك البعض في احتمالية تمويل واشنطن بعض الجماعات المتمردة في تشاد؛ للمساعدة في الإطاحة بالرئيس المنتخب الذي يرفض الوجود الأمريكي على أراضي تشاد، فالشائع في فكر رؤساء المجالس الانتقالية في إفريقيا عقب أي اضطراب سياسي، رغبتهم المستدامة في تثبيت سلطتهم لتحقيق مصلحتهم على حساب مصلحة الشعب.
عقب الانسحاب التدريجي للولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا من إفريقيا، تستغل روسيا تدهور علاقات الغرب مع إفريقيا؛ من أجل تعزيز الوجود الروسي في القارة السمراء، ومن المؤكد أن الانحدار للنفوذ الغربي في إفريقيا هو ما يريده الروس، وتسعي موسكو خلف الكواليس لإثارة مشاعر العداء بين إفريقيا والغرب. كما أن زيارة الرئيس الحالي "محمد إدريس ديبي" لموسكو في 23 يناير 2024، أكدت إقبال تشاد على فتح آفاق أوسع لتقوية أواصر العلاقات بين موسكو ونجامينا، إذ أكد الجانبان أن العلاقات الروسية التشادية ستشهد ازدهارًا خلال الفترة الحالية، ومن المحتمل توقيع اتفاقيات موثقة في مجال الدفاع والأمن بين واشنطن ونجامينا، ناهيك عن استغلال القوات الروسية الفراغ الأمريكي في قاعدة "أدجي كوسي" الجوية في تشاد، ومن ثمّ تحلُّ القوات الروسية محل القوات الأمريكية بالقاعدة المذكورة.