في الذكرى الـ 114 لميلاد الشيخ عبدالحليم محمود.. محطات في حياة رمز الفكر الإسلامي والتصوف بالعصر الحديث
يصادف اليوم الأحد، الثاني عشر من مايو، الذكرى الـ 114 لميلاد الدكتور عبدالحليم محمود، الشيخ السابق للأزهر الشريف.
ويحتفل العالم الإسلامي بهذه المناسبة لاحترام وتقدير الإمام الأكبر، الذي وُلِد في 12 مايو 1910 في قرية السلام بمركز بلبيس بمحافظة الشرقية.
يعتبر الإمام الأكبر، الدكتور عبدالحليم محمود، واحداً من رواد ومنارات الفكر الإسلامي والتصوف في العصر الحديث. فقد برز بتأثيره العميق على المكتبة العربية من خلال تحقيقه، تأليفه، وترجمته للأمهات الكتب.
ونظرًا لمساهماته الفعّالة، فقد حظي باحترام وتقدير العديد من الفرق والمذاهب الإسلامية في مختلف أنحاء العالم.
سيظل هذا العالِم الجليل وتراثه محفورين في قلوبنا عبر العصور، حيث يظل إرثه العلمي والروحي إشعاعاً ينير طريق الباحثين والمتطلعين نحو الحقيقة والتقوى.
الإمام الأكبر الدكتور عبدالحليم محمود هو شخصية رائدة في تاريخ الأزهر، حيث برزت قدراته العلمية والروحية منذ صغره. حيث قام بحفظ القرآن الكريم وانضم إلى الأزهر في عام 1923، وسُجلت عالميته في عام 1932.
سافر إلى فرنسا بنفقته الخاصة، حيث حصل على درجة الدكتوراه في الفلسفة الإسلامية في عام 1940.
بدأ الدكتور عبدالحليم محمود مسيرته الأكاديمية والإدارية في الأزهر، بعد عودته من فرنسا حيث عمل مدرسًا لعلم النفس بكلية اللغة العربية، ثم تولى منصب عميد كلية أصول الدين، ومن ثم أمينًا لمجمع البحوث الإسلامية.
تم تعيينه وكيلاً للأزهر، ثم وزيرًا للأوقاف، وأخيرًا تولى مشيخة الأزهر في 27 مارس 1973، حيث قاد الجامعة الإسلامية الشهيرة بحكمة وإخلاص، وترك بصماته العميقة في تطوير العمل الإسلامي وتعزيز القيم الروحية والعلمية
الشيخ عبدالحليم محمود، لم يكن مجرد عالم دين، بل كان أيضًا كاتبًا وفيلسوفًا بارعًا، حيث ترك وراءه أكثر من 60 عملًا في مجالات التصوف والفلسفة، بعضها باللغة الفرنسية.
من بين أشهر كتبه: "أوروبا والإسلام"، و"التوحيد الخالص"، و"الإسلام والعقل"، و"أسرار العبادات في الإسلام"، و"التفكير الفلسفي في الإسلام"، و"القرآن والنبي"، و"المدرسة الشاذلية الحديثة وإمامها أبو الحسن الشاذلي".
كان للدكتور عبدالحليم محمود مواقف مؤثرة مع النظام أثناء فترة مشيخته للأزهر، ومن بينها موقفه من المحكمة العسكرية في قضية جماعة التكفير والهجرة.
على الرغم من استعانة المحكمة بعدد من علماء الأزهر للإبداء عن رأيهم في فكر هذه الجماعة، فإنها اتخذت قراراتها دون الاستفادة من آراءهم بشكل كاف، وقامت بتصوير الأزهر بشكل سلبي، لهذا، أصدر الإمام الأكبر بيانًا رفضت معظم الصحف نشره، حيث اتهم المحكمة بأنها لم تتيح الفرصة لعلماء الأزهر للتعرف على ظروف هذه الجماعة وتقديم آرائهم بشكل صحيح، واكتفت بالاعتماد على محاضر النيابة.
في أبريل 1973، تسلم الإمام الأكبر عبدالحليم محمود مهام مشيخة الأزهر بعد تخليه عن وزارة الأوقاف، وقام بتضمين 1500 مسجدًا تحت إشراف الوزارة، وأسس ألف حلقة لتحفيظ القرآن، وألف فصل دراسي لتعزيز تعليم الطلاب.
خلال عام واحد فقط في مشيخة الأزهر استثمر الإمام عبدالحليم محمود جهده بتأسيس مكتبة في كل مسجد.
عند توليه المنصب، تفاجأ الإمام بقرار رئيس الجمهورية في يوليو 1974، الذي كاد يقتلع صلاحيات شيخ الأزهر لصالح وزير الأوقاف.
ورد الإمام الأكبر على هذا القرار بتقديم استقالته، وعلى الرغم من محاولات التدخل من الحكماء، إلا أنه أصر على قراره.
وأحدثت هذه الاستقالة صدمة في العالم الإسلامي، ولكن تمكن الرئيس السادات في النهاية من إصدار قرار يعيد الأمور إلى نصابها بعد التوسط في الأزمة.
توفي الراحل الإمام الأكبر الدكتور عبدالحليم محمود يوم الثلاثاء الموافق 15 ذو القعدة 1397 هـ / 27 أكتوبر 1977م.