الصومال وإثيوبيا.. حكاية جارين على صفيح ساخن
يشكل الصراع الإثيوبي الصومالي تحدياً كبيراً في منطقة القرن الأفريقي، حيث تساهم المظالم التاريخية والمناورات السياسية الأخيرة في تفاقم الوضع المتوتر والمتقلب.
التوتر بين الصومال وإثيوبيا يعود إلى عدة عوامل، ومن أبرزها:
النزاع الحدودي
هناك تنازع بين الصومال وإثيوبيا بشأن الحدود البرية والبحرية، خاصة في منطقة سواحل البحر الأحمر وسياستها البحرية.
الصراع الإقليمي
العلاقات القائمة بين القوى الإقليمية مثل إثيوبيا والصومال والقوى الإقليمية الأخرى قد تزيد من حدة التوتر، مع تبادل الاتهامات والتدخل في الشؤون الداخلية لبعضها البعض.
الصراع على الموارد: تتنافس البلدين على موارد البحر الأحمر والموارد الطبيعية الأخرى في المنطقة، مما يزيد من التوتر بينهما.
الأزمة الإنسانية
تأثر الصومال بالفقر والاضطرابات السياسية والأمنية لسنوات، مما جعلها تقف على حافة الانهيار، وتدفع بعض الجماعات داخل الصومال للبحث عن دعم خارجي، مما قد يزيد من التوتر مع الدول المجاورة مثل إثيوبيا.
تأثيرات المراوح الجيوسياسية
يمكن أن يكون التوتر بين الصومال وإثيوبيا جزءًا من سباق أو تنافس أو تأثيرات أوسع نطاقاً في المنطقة، مثل التنافس على النفوذ بين الدول الإقليمية والعالمية.
ازدادت الأوضاع في القرن الأفريقي سخونة بعد توقيع إثيوبيا وأرض الصومال أو "صوماليلاند" مذكرة تفاهم في يناير 2024، تنص على حصول أديس أبابا على 20 كم من ساحل البحر الأحمر على سبيل الإيجار لمدة 50 عاما، ليصبح لها منفذ بحري بعد ثلاثة عقود كدولة حبيسة، إثر استقلال إريتريا في بداية عقد التسعينيات.
وتسبب التحرك الإثيوبي في غضب كبير لدى الصومال على المستويين الرسمي والشعبي، إلى جانب تنديد عدد كبير من الدول والمنظمات الدولية بمذكرة التفاهم، وكانت مصر في مقدمة الدول التي أكدت وقوفها بجانب الصومال ضد إثيوبيا.
وبعد تصاعد التوتر بين مقديشيو وأديس أبابا، وسحب السفير الصومالي في إثيوبيا، ورفض الرئيس حسن شيخ محمود، أي مبادرات من شأنها رأب الصدع بين الجانبين قبل إلغاء مذكرة التفاهم، دعت منظمة إيجاد إلى اجتماع طارئ في كمبالا عاصمة أوغندا لمناقشة الأزمة بين الصومال وإثيوبيا، إلى جانب التطورات في السودان.
أكد الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود أن مقديشيو مستعدة للحرب ضد إثيوبيا ومتابعة جميع الخيارات الدبلوماسية لحل الأزمة بين البلدين.
وقال الرئيس شيخ محمود، في كلمة له عقب صلاة الجمعة أمس في أحد مساجد مقديشيو أن الصراع الإثيوبي الصومالي، هو نزاع إقليمي وسياسي عميق الجذور امتد لقرون وقد اشتعلت التوترات الأخيرة بسبب اتفاق بين إثيوبيا والإدارة الإقليمية لأرض الصومال، الذي تعتبره الصومال انتهاكا لسيادتها.
وأضاف الرئيس الصومالي أن الصراع يعود إلى القرن الرابع عشر، مع محاولات الإمبراطورية الإثيوبية السيطرة على طرق التجارة من الموانئ في ما يعرف الآن بشمال الصومال، بحسب ما أوردته وكالة الأنباء الصومالية الرسمية "صونا".
وأشار محمود إلى أن هذا أدى إلى حملات عسكرية وعداء كبير بين الدولتين، مما أدى إلى تمردات متعددة ضد الهيمنة الإثيوبية، وفي أواخر الأربعينيات، دخل الصراع مرحلة جديدة عندما أعاد البريطانيون منطقة أوجادين التي يسكنها الصوماليون إلى إثيوبيا، وأدى هذا القرار إلى حركات تمرد وحروب عديدة، بما في ذلك الصراع الملحوظ في 1977-1978 على المنطقة المتنازع عليها.
وتصاعد الوضع الحالي مع توقيع إثيوبيا مذكرة التفاهم في الأول من يناير، والتي تسمح لها بتطوير قاعدة بحرية على ساحل أرض الصومال. وقد هزت هذه الخطوة منطقة القرن الأفريقي وأثارت الغضب في الصومال، حيث دعا الرئيس محمود الصوماليين إلى "الاستعداد للدفاع عن وطننا" وهدد بالصراع مع إثيوبيا حول المنطقة الانفصالية.
وتعد إثيوبيا واحدة من أكبر المساهمين بقوات في قوة حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي في الصومال وساعد الغزو الإثيوبي للصومال في عام 2006 لطرد الإسلاميين من مقديشو على إشعال شرارة تمرد حركة الشباب، مما أضاف طبقة أخرى إلى العلاقة المعقدة بين البلدين.
وأوضح الرئيس محمود أن الصومال مستعد لمتابعة جميع الخيارات الدبلوماسية لحل القضية ولكنه مستعد أيضًا للحرب إذا لزم الأمر ويؤكد على ضرورة التعايش السلمي ولكن ليس على حساب سلامة أراضي الصومال واستقلاله.
وكما أكد الرئيس محمود، فإن الطريق إلى السلام يتطلب توازنا دقيقا بين الدبلوماسية والوحدة الوطنية والالتزام الثابت بالسيادة.