إفريقيا في قبضة الأسلحة.. تأثير انتشار الأسلحة الصغيرة على التنمية المستدامة في القارة السمراء
دفع عدم الاستقرار السياسي، والنزاعات بين المزارعين والرعاة، والبطالة، والانقسامات العرقية، وظهور التنظيمات المتطرفة، إلى انتشار الأسلحة الصغيرة والخفيفة في منطقتي الساحل وغرب إفريقيا، والقارة السمراء ككل.
تلعب تدفقات الأسلحة غير المشروعة بالقارة الإفريقية دورا كبيرا في تأجيج الصراعات في العديد من البلدان الأفريقية من الجرائم الصغيرة إلى التمرد والأنشطة الإرهابية.كما تتعدد آثارها السلبية، خاصة الأسلحة الصغيرة والخفيفة غير المشروعة، على الأمن القومى، وحقوق الإنسان، وفرص التنمية المستدامة، وتهديد الأمن والسلم للدول الإفريقية، حيث يمتلك المدنيون ما يقرب من 80% من الأسلحة الخفيفة، من بينهم ميليشيات وجماعات إرهابية.
ويتم تصنيف تلك الأسلحة في بروتوكول مراقبة الأسلحة إلى فئتين: أسلحة صغيرة وأسلحة خفيفة، والتي تتمثل في الأسلحة النارية، مثل المسدسات والرشاشات الخفيفة، وكذلك مدافع الهاون والقذائف الصاروخية، والتي أصبحت هي الأسلحة المفضلة الأكثر انتشارا في معظم النزاعات الإقليمية حاليا، حيث إن الإتجار غير المشروع بالأسلحة الصغيرة ظاهرة عالمية، لكنه يتركز بشكل خاص في مناطق النزاع المسلح.
كما أشارات بعض الإحصائيات إلى أن هناك 100 مليون سلاح صغير متوافر بإفريقيا، خاصة في دول القرن الإفريقي، ودول الحزام العنيف بوسط إفريقيا، وبعض مناطق غرب إفريقيا.
وتعد البنادق جزءا من ثقافة بعض الدول الإفريقية، منها (الصومال، والسودان، والكونغو)، حيث يمتلك معظم الأفراد بندقية، هى فى الغالب من طراز AK47 (كلاشنكوف روسي)، وهناك أسواق مفتوحة لشرائها، حيث إن سعرها يماثل سعر السلع التموينية.
وتتخذ الدول الكبرى المصنعة للسلاح، وهى (الولايات المتحدة الأمريكية، والصين، وروسيا، وفرنسا، وألمانيا) من أراضى القارة الإفريقية مركزا رئيسيا للصناعة، بينما تتمركز معظم المصانع الأجنبية المعنية بالإتجار غير المشروع بالسلاح في كل من (أوغندا، والكاميرون، وكينيا، ونيجيريا، وزيمبابوي).
كما لعبت مؤخرا إسرائيل دورا في إمداد الدول الإفريقية التي تقع في مناطق النزاع بالأسلحة غير المشروعة، التى تصل إلى أيدي الجماعات الإرهابية، تحت مسمى المساعدات العسكرية لتأجيج نيران الحرب بالقارة السمراء.
على جانب آخر تتركز صناعة الأسلحة التقليدية في 11 دولة من أصل 54 دولة إفريقية تمثل الذخيرة والأسلحة الصغيرة منها قيمة إنتاج تصل إلى 16 مليون دولار سنويا. وليست هناك بيانات واضحة حول تجارة الأسلحة فى القارة الإفريقية، حيث تتمتع بجزء من السرية حتى في الصفقات المشروعة. وفي بعض الحالات قد تكون القدرات التصنيعية للشركات غير مؤكدة حيث تتميز شركات كل دولة بإنتاج وتجميع لمنتج بعينه -على سبيل المثال- تنتج كل من (الكونغو، وبوركينافاسو، وزمبابوي) الأسلحة الصغيرة والذخيرة، كما تقوم كل من (الجزائر، وإثيوبيا، والسودان، وتنزانيا، وكينيا، وزيمبابوي) بنقل تكنولوجيا تصنيع الذخائر، كما تتميز كل من (إثيوبيا، ونيجيريا) بالتصنيع المرخص للأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة، وتقوم (غانا) بالتصنيع الحرفي للأسلحة الصغيرة، بينما تتميز (جنوب إفريقيا) بتطوير الأسلحة المحلية.
وفي ذات السياق، أدان مجلس السلم والأمن الإفريقي بشدة الاتجار غير المشروع بالأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة واستخدامها من قبل مختلف الجماعات الإجرامية والجماعات المسلحة والمتمردة ضد المواطنين العاديين والمدنيين.
وأعرب المجلس، في بيان في ختام اجتماعه، عن قلقه العميق إزاء التهديد الذي لا تزال الأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة غير المشروعة تشكله على السلم والأمن الوطني والإقليمي والقاري والدولي، ولا سيما عن طريق تأجيج النزاعات المسلحة والجريمة.
وقد اعتمد مجلس السلم والأمن الموقف الإفريقي المشترك بشأن مؤتمر الأمم المتحدة الرابع لاستعراض التقدم المحرز في تنفيذ برنامج العمل المتعلق بمنع الاتجار غير المشروع بالأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة من جميع جوانبه ومكافحته والقضاء عليه.
وأشار البيان إلى أن المجلس شدد على ضرورة الالتزام بالاتفاقيات وأطر العمل العالمية لمكافحة الاتجار غير المشروع بالأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة وتنفيذها، مع التأكيد على أهمية التعاون بين الدول الأعضاء والشركاء والقطاع الخاص والمنظمات الدولية والمجتمع الدولي في مجال مكافحة الأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة غير المشروعة.
وأضاف أن المجلس يدرك أهمية الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة على المستوى العالمي، ولا سيما في إطار المؤتمر الرابع لمنع الاتجار غير المشروع بالأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة من جميع جوانبه ومكافحته والقضاء عليه.
وشجع المجلس الدول الأعضاء على المشاركة الفعالة في هذا المؤتمر، الذي سينعقد بمقر الأمم المتحدة من 18 إلى 28 يونيو المقبل، وتعزيز والدفاع عن الموقف المشترك لصالح الأمن الجماعي.