وسط تجاهل دولي.. معاناة اللاجئين السودانيين تتفاقم في غابات ”أولالا”
يعيش أكثر من 6 آلاف لاجئ سوداني في ظروف مأساوية في غابات "أولالا" بإقليم أمهرة، غرب إثيوبيا، بعد أن أجبرتهم الحرب في وطنهم على الفرار.
وأكد أحد اللاجئين، الذي طلب عدم الكشف عن هويته لأسباب أمنية، لـ"الشرق" أن اللاجئين يعانون من أوضاع صعبة، حيث يوجد بينهم أكثر من 2100 طفل وألف امرأة، في ظل تجاهل تام من المنظمات الدولية والسلطات الإثيوبية.
وتشهد منطقة أمهرة اضطرابات أمنية مستمرة منذ عدة أشهر، بسبب المعارك بين الجيش الإثيوبي وقوات "فانو" المعارضة، بالإضافة إلى نشاط "عصابات الشفتة" في المنطقة الحدودية بين السودان وإثيوبيا، مما يزيد من معاناة اللاجئين.
وأشار اللاجئ إلى أن النازحين يهيمون في الغابات دون مأوى أو دواء، حيث يوجد بينهم نحو 1135 مريضاً و76 من ذوي الاحتياجات الخاصة. وقد اضطروا لمغادرة المعسكرات الرئيسية في "أولالا" و"كومر" لأسباب أمنية.
وأضاف اللاجئ أن إمدادات الغذاء والدواء قد انقطعت، وأن اللاجئين يعانون من نقص حاد في المياه الصالحة للشرب، مشيراً إلى أن السلطات الإثيوبية منعت القرى المجاورة من تقديم أي مساعدة.
في مطلع مايو، حاول بعض اللاجئين مغادرة المنطقة بعد اشتباكات وهجوم على معسكر "أولالا"، لكن السلطات أعادتهم قسراً. ومع حلول موسم الأمطار، تفشت أمراض مثل الملاريا والكوليرا، وتعرض ثلاثة لاجئين للخطف من قبل عصابات إثيوبية طلبت فدية مالية.
وأدت المواجهات المسلحة إلى مقتل لاجئين اثنين وإصابة خمسة آخرين بجروح، بينما تعرض 16 آخرون للتعذيب أثناء جمعهم الحطب للطبخ.
وتظهر مقاطع الفيديو والصور التي حصلت عليها "الشرق" معاناة اللاجئين في "أولالا"، حيث يفترشون العراء بلا مأوى يحميهم من الأمطار والحشرات والحيوانات. وقالت "ن ن"، لاجئة سودانية شابة، إنها فرت من منطقة الكلاكلة في جنوب الخرطوم في مايو 2023 بحثاً عن الأمان، لكنها لم تجده، إذ شاهدت عمليات نهب وخطف وتعذيب واغتصاب.
وأشارت إلى أنها تسمع أصوات الرصاص والاشتباكات في القرى المحيطة كل ليلة، موضحة أن محاولتها الخروج من الغابات بعد 26 يوماً من البقاء تحت الأمطار باءت بالفشل. وشكت من غياب تام للمنظمات الدولية، مناشدةً إياها بالتدخل العاجل لإنقاذ المرضى والأطفال وكبار السن.
وأعربت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين عن قلقها العميق تجاه معاناة اللاجئين السودانيين قرب "أولالا" منذ ثلاثة أسابيع، موضحة أن اللاجئين نفذوا احتجاجات بسبب انعدام الأمن، ودخل بعضهم في إضراب عن الطعام.
وأوضحت المفوضية أنها تبذل جهوداً كبيرة مع الحكومة الإثيوبية لمعرفة مخاوف اللاجئين وتقديم المساعدة، وتسعى لتأمين مياه الشرب والخدمات العلاجية الضرورية، وتعمل على إقناع اللاجئين بالعودة إلى معسكر "أولالا" حتى يتم التوصل إلى حل جذري لمشكلتهم.
وفي وقت سابق، دعت 24 منظمة سودانية إلى إجلاء اللاجئين السودانيين من معسكري "كومر" و"أولالا" بسبب المخاطر الأمنية. وذكرت أن ممثلين للاجئين من السودان وإريتريا وجنوب السودان سلموا مذكرة للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين في أبريل، طالبوا فيها بإجلائهم إلى منطقة آمنة.
وأفادت المذكرة أن 10% من سكان معسكر "كومر" تعرضوا لانتهاكات، وسجلت 743 جريمة منذ إنشاء المعسكر في مايو 2023، منها 280 حادثة تهديد بالبنادق وتفتيش قسري.
وتزايدت أعداد الجرائم وهجمات المليشيات المسلحة في تلك المناطق، مما اضطر اللاجئين إلى مغادرة المخيمات نحو الغابات، حيث يواجهون الأمطار والفيضانات ونقص الغذاء والماء والدواء، مما ينذر بكارثة إنسانية خطيرة.