في ذكري وفاته.. محطات في حياة الشيخ محمد الشعراوي
في مثل هذا اليوم نتذكر ذكرى وفاة أحد أبرز علماء الأزهر وأشهر دعاة الإسلام في العصر الحديث، الشيخ محمد متولي الشعراوي.
فقد رحل هذا العالم الجليل عن عالمنا في 22 صفر 1419هـ، الموافق 17 يونيو 1998م، تاركًا وراءه إرثًا علميًّا وفكريًّا ودعويًّا عظيمًا، في السطور التالية سنعرض أبرز محطات حياة الإمام المجاهد، وما قدمه لأمته والعالم الإسلامي من إنجازات وجهود مباركة.
ولد الشيخ محمد متولي الشعراوي في 15 أبريل 1911م، بقرية دقادوس، مركز ميت غمر بمحافظة الدقهلية بمصر، وقد أتم حفظ القرآن الكريم في سن الحادية عشرة من عمره، وحصل على الشهادة الابتدائية الأزهرية عام 1923، قبل أن ينتقل إلى المعهد الثانوي الأزهري، حيث برز موهبته في الشعر والأدب، واختاره زملاؤه رئيسًا لاتحاد الطلبة وجمعية الأدباء بالزقازيق.
على الرغم من رغبة الشيخ الشعراوي في عدم استكمال دراسته الجامعية، إلا أن والده أصرّ على إكماله الدراسة في الأزهر الشريف. وبالفعل، تخرج في كلية اللغة العربية عام 1940، مستفيدًا من تمكنه في فنون اللغة العربية وملكاتها، كالنحو والصرف والبديع ونظم الشعر والخطابة، هذه المعارف والمهارات اللغوية كانت بمثابة المفتاح الذي فتح له باب تفسير القرآن الكريم وتدبر آياته، وإيصال معانيه إلى جمهور المسلمين بطريقة سهلة وواضحة وشيقة.
أصبح الشيخ الشعراوي علامة فارقة في عصر الدعوة الإسلامية الحديث، حيث كان الناس ينتظرون أحاديثه الأسبوعية أمام شاشات التلفاز وعبر إذاعة القرآن الكريم، كما قدم جهودًا موفقة في رد الشبهات عن الإسلام والقرآن وسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقدّم ردودًا عقلانية ومنطقية عليها من خلال لقاءات إعلامية وميدانية مع مختلف شرائح المجتمع، سيما الشباب منهم، وللشيخ الشعراوي أيضًا مواقف وطنية مشرفة ضد قوى الاحتلال.
كما أن الشعراوي في كل مكان مرّ عليه الشيخ أو منصب تقلده، كان له فيه عظيم النفع والأثر في مصر وخارجها، ومن أشهر مواقفه إرساله برقية إلى الملك سعود بن عبد العزيز آل سعود أثناء إقامته بالمملكة العربية السعودية يعترض فيها على نقل مقام سيدنا إبراهيم عليه السلام؛ لتوسعة المطاف حول الكعبة الشريفة؛ مؤيِّدًا رأيه بالأدلة الشرعية على عدم جواز ذلك، وقد استجاب الملك سعود رحمه الله لخطاب الشيخ، وأقر رأيه، ومنع نقل المقام من مكانه، واستشاره في بعض شئون توسعة الحرم المكي الشريف، وأخذ بمشورته.
ومن أبرز المناصب التي خدم من خلالها الشيخُ الشعراوي الدعوةَ الإسلامية منصب مدير إدارة مكتب فضيلة الإمام الأكبر حسن مأمون شيخ الأزهر الأسبق 1964م، ورئيس بعثة الأزهر الشريف في الجزائر 1966م، ووزير الأوقاف وشئون الأزهر بجمهورية مصر العربية 1976م، وشغله عضوية مجمع البحوث الإسلامية 1980م، ومجمع اللغة العربية، ومجلس الشورى بجمهورية مصر العربية 1980م، إضافة إلى العديد من المناصب التي عُرضت عليه واعتذر عنها؛ تفرغًا للعلم والدعوة وخدمة المُحتاجين.
وللشيخ الشعراوي مؤلفات علمية عديدة منها: معجزة القرآن - الأدلة المادية على وجود الله - أنت تسأل والإسلام يجيب - الإسلام والفكر المعاصر - قضايا العصر - أسئلة حرجة وأجوبة صريحة، وبعد عمر مديد في رحاب الدعوة الإسلامية المستنيرة والسمحة، وفي خدمة الإسلام والمسلمين، ويعتبر الشيخ الشعراوي أول من أصدر قرار وزاريا بإنشاء أول بنك إسلامي في مصر، وهو بنك فيصل.
وتوفي الشيخ عن عمر ناهز السابعة والثمانين، في 22 صفر 1419هـ، الموافق 17 يونيو 1998م.