وول ستريت جورنال: نتنياهو يستغل مزاعم تباطؤ شحنات الأسلحة لأغراضه الخاصة
ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية أن مزاعم تباطؤ شحنات الأسلحة إلى إسرائيل أدت إلى توتر العلاقات بين إسرائيل والبيت الأبيض خلال الأسبوع الماضي .. مشيرة إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وصف وتيرة تسليم الشحنات الحالية بأنها هزيلة، وهو ادعاء اعترضت عليه إدارة جو بايدن.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أمريكيين القول: إن شحنات الأسلحة الأمريكية إلى إسرائيل تباطأت منذ الأشهر الأولى من الحرب في غزة لأن الكثير من الأسلحة التي طلبتها إسرائيل سابقًا تم شحنها أو تسليمها بالفعل بينما قدمت الحكومة الإسرائيلية عددًا أقل من الطلبات الجديدة.
وأوضحت الصحيفة الأمريكية أن المسؤولين الأمريكيين والإسرائيليين على حد سواء يتفقون على أنه قد حدث تغيير منذ شهر مارس الماضي، أي في نفس الوقت تقريبًا الذي انتهت فيه الولايات المتحدة من تلبية الطلبات الحالية.
وقال مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية : إن الوتيرة الحالية لتسليم الشحنات هي بمثابة تباطؤ فقط عند مقارنتها بعمليات النقل الجوي الضخم لعشرات الآلاف من الأسلحة في الأشهر الأولى بعد هجوم حماس في 7 أكتوبر الماضي، وهي حاليًا مماثلة لمستويات وقت السلم أو حتى أعلى منها.
وأضاف المسؤول بوزارة الخارجية : "أن وتيرتنا طبيعية، إن لم تكن متسارعة، ولكنها بطيئة مقارنة بالأشهر القليلة الأولى من الحرب" فيما قال المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر، أمس الأول الاثنين، إن إسرائيل ربما طلبت أسلحة أقل في الآونة الأخيرة.. ولم ترد متحدثة باسم وزارة الدفاع الإسرائيلية على طلب للتعليق.
وقال نتنياهو لحكومته - في وقت سابق من هذا الأسبوع - :"إن إسرائيل شهدت تعليقا كبيرا لشحنات الأسلحة قبل حوالي أربعة أشهر حينما كان الجيش متوجهاً إلى مدينة رفح جنوب قطاع غزة".
وقالت إدارة بايدن إنه لم يطرأ أي تغيير على السياسة الشاملة لتسليح إسرائيل، حيث قال مسؤول بالبيت الأبيض في بيان "لقد أوضحنا موقفنا بشأن هذا الأمر مرارا ولن نستمر في الرد على التصريحات السياسية لرئيس الوزراء".
وجاءت تصريحات نتنياهو بينما سافر منافسه وزير الدفاع يواف جالانت، إلى واشنطن هذا الأسبوع، والتقى بوزير الخارجية أنتوني بلينكن ومدير وكالة المخابرات المركزية ويليام بيرنز أمس الأول /الاثنين/، ووزير الدفاع لويد أوستن أمس الثلاثاء.
ومن المقرر أن يلتقي بمستشار الأمن القومي للرئيس بايدن جيك سوليفان في وقت لاحق اليوم /الأربعاء/ ، فيما قال مسؤولون أمريكيون إن مبيعات الأسلحة من بين الموضوعات التي توقعوا أن يثيرها جالانت خلال زيارته.
ويعد تتبع شحنات الأسلحة إلى إسرائيل أمرا معقدا نظرًا لأن طلبات الأسلحة غالبًا ما يتم إصدارها قبل سنوات ولا تعلن الحكومة الأمريكية عن الشحنات.
ووفقا للصحيفة، يتم إرسال العديد من الأسلحة المقدمة من الولايات المتحدة إلى إسرائيل دون أي كشف علني وغالبا ما تعتمد على مبيعات الأسلحة التي تمت الموافقة عليها مسبقًا، والمخزونات العسكرية الأمريكية وغيرها من الوسائل التي لا تتطلب من الحكومة إخطار الكونجرس أو الكشف عنها للجمهور ، وجعل هذا النهج من الصعب تقييم حجم ونوع الأسلحة التي لا تزال الولايات المتحدة ترسلها.
ويواجه بايدن ضغوطا من التقدميين في حزبه الذين دعوا إلى وقف شحنات الأسلحة وسط ارتفاع وتيرة قتل المدنيين في غزة حيث قُتل أكثر من 37 ألف فلسطيني في غزة معظمهم من المدنيين، وفقا للسلطات الصحية الفلسطينية.
وقال جوش بول مسؤول وزارة الخارجية الأمريكية الذي استقال في أكتوبر الماضي احتجاجاً على تعامل الإدارة مع حرب غزة إن الافتقار إلى الشفافية بشأن مبيعات الأسلحة لإسرائيل هو ما يساعد بايدن .. مضيفا: "ما لا يتعين على الإدارة التعامل معه هو قرع الطبول يوميا حول ما تم تسليمه من أسلحة.. فهم لا يريدون التحدث عن عمليات نقل الأسلحة".
وكانت صحيفة "وول ستريت جورنال" قد ذكرت في وقت سابق أن الزيادة الأولية في الأسلحة بعد بدء الحرب في غزة شملت 600 حالة من المبيعات العسكرية المحتملة بقيمة تزيد على 23 مليار دولار بين الولايات المتحدة وإسرائيل.
وقال مسؤول وزارة الخارجية إن الولايات المتحدة اقتربت في وقت سابق من هذا العام من الانتهاء من الطلبات الحالية، مما يتطلب من الإدارة التواصل مع الكونجرس بشأن طلبات الأسلحة الجديدة.
وقال جيورا إيلاند، مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق إنه في بداية الحرب في غزة، قامت إدارة بايدن بتسريع شحنات الذخيرة إلى إسرائيل التي كان من المقرر تسليمها خلال عامين تقريبًا إلى شهرين. وأضاف أن الشحنات تباطأت بعد ذلك، لكن ليس بالضرورة لأسباب سياسية، مضيفا: "لقد قال نتنياهو شيئاً صحيحاً من ناحية، لكنه من ناحية أخرى قدم هذا التفسير الدرامي الذي لا أساس له".
ورغم أن عمليات إسرائيل في غزة تباطأت وبالتالي أصبحت تتطلب أسلحة أقل، فإن جيشها يستعد لصراع محتمل على حدودها الشمالية ، وفي الأسبوع الماضي ، وافق الجيش الإسرائيلي على عملية ضد حزب الله، الأمر الذي حذرت منه إدارة بايدن.
وذكرت الصحيفة أن الجيش الإسرائيلي يحتفظ بمخزونات من الأسلحة احتياطيا في حالة نشوب حرب محتملة مع لبنان، وذلك وفقا لما يقوله مسؤولون إسرائيليون حاليون وسابقون ، فيما قال مسؤولون عسكريون إسرائيليون إنه نظرا لأن التباطؤ حدث دون تفسير، فقد أصبح عاملا يؤخذ في الحسبان لعمليات مستقبلية محتملة في لبنان.
ومن جهتهم .. قال مسؤولون أمريكيون إن وزارة الخارجية أرجأت منذ شهر مايو المضي قدما في بيع مقاتلات جديدة من طراز إف-15 وأسلحة دقيقة لإسرائيل وصفقة قيمتها مليار دولار لشراء قذائف هاون ومركبات عسكرية وذخائر للدبابات. وفي مايو الماضي، أعلنت إدارة بايدن أنها علقت تسليم قنابل زنة 2000 رطل و500 رطل إلى إسرائيل بسبب مخاوف بشأن سقوط ضحايا من المدنيين.
وبدأ الخلاف حول الأسلحة في الأسبوع الماضي عندما اتهم نتنياهو في مقطع فيديو باللغة الإنجليزية إدارة بايدن بحرمان إسرائيل من الأسلحة، وكرر ادعاءاته في مقابلة مع التلفزيون الإسرائيلي بثت يوم الأحد الماضي وصرح بذلك مرة أخرى أمام حكومته.
ووفقا للصحيفة، فإن هذا الخلاف ينطوي على مخاطر كبيرة لكلا الجانبين حيث من المتوقع أن يلقي نتنياهو خطابًا أمام الكونجرس في 24 يوليو المقبل بدعوة من رئيس مجلس النواب مايك جونسون (جمهوري عن لوس أنجلوس) ، وقد يواجه نتنياهو قريبًا أيضا مذكرة اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب.
وقال بعض المحللين السياسيين الإسرائيليين إن تصريحات نتنياهو تبدو محاولة لكسب ميزة سياسية داخل إسرائيل حيث يواجه تساؤلات بشأن أسلوب تعامله مع الحرب إلى جانب تصاعد الصدام مع القيادة العسكرية الإسرائيلية بشأن العمليات في غزة.
ومن جهته .. قال تشاك فريليتش النائب السابق لمستشار الأمن القومي في إسرائيل: "أعتقد أن نتنياهو يفعل ذلك لأغراضه السياسية الخاصة.. فهو يريد أن يبدو قادرًا على تحدي بايدن".