اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارون رئيس التحرير محمود نفادي
كيف نميز بين وسوسة الشيطان ودعوة النفس؟.. الدكتور علي جمعة يوضح مفتي الديار المصرية: تجديد الخطاب الديني هدفه استيعاب الواقع المتجدد برؤية حكيمة مدير الجامع الأزهر: الإسلام يدعو إلى الأمن والأمان والتمسك بالأحكام لتحقيق سعادة البشرية مفتي الديار المصرية لوفد برنامج الأغذية العالمي: مستعدون للتعاون في كل ما ينفع البشرية أمين ”البحوث الإسلامية”: الشريعة حرصت على البناء المثالي للأسرة بأسس اجتماعية سليمة بالقرآن والسنة.. الدكتور علي جمعة يكشف حكم زواج المسلمة من غير المسلم أمين مساعد البحوث الإسلامية: التدين ليس عبادة بالمساجد بل إصلاح وعمارة الكون الأوقاف المصرية: إيفاد سبعة أئمة إلى “تنزانيا والسنغال والبرازيل” «الإسلام وعصمة الدماء».. الجامع الأزهر يحذر من استباحة دماء المسلمين الأوقاف المصرية تعلن موضوع خطبة الجمعة القادمة.. ”أَنْتَ عِنْدَ اللهِ غَالٍ” حكم عسكري في غزة.. بين استراتيجيات الماضي ومخاطر المستقبل هل تصب تهديدات بوتين النووية في مصلحة ترامب؟

ما حكم التحويل والسحب من المحافظ الإلكترونية؟.. الإفتاء تجيب

ورد سؤال لدار الإفتاء المصرية جاء نصه "ما حكم التحويل والسحب من المحافظ الإلكترونية؟ حيث يقول السائل: أعمل في تحويلات "الكاش" من خلال المحفظة الإلكترونية بعمولةٍ على التحويل أو السحب، ونظام عملي يكون عن طريق الواتساب أو التليفون، بمعنى: أن العميل يكلمني أو يرسل لي الرقم المطلوب التحويل له، والمبلغ المراد تحويله، ويحاسبني آخِرَ اليوم أو بعدَه بيوم أو يومين بنفس عمولة التحويل المتفق عليها (5ج أو 10ج على كل ألف)، من غير زيادة على تأخير المبلغ. فهل هذا حلال أو حرام؟ وهل يندرج تحت (كل قرض جر نفعًا فهو رِبًا)؟

قال الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية، ان المعاملة المسؤول عنها جائزة شرعًا، وهي طلب شخصٍ من آخر يعمل في التحويلات المالية "الكاش" أن يحول أموالًا من محفظته الإلكترونية إلى شخصٍ ثالثٍ، على أن يدفع طالب التحويل المال المحول إلى صاحب الخدمة آخِرَ اليوم أو بعدَه بيوم أو يومين مع عمولة التحويل المتفق عليها (5ج أو 10ج على كل ألف) -هي عملية مركبة من جزئين:

أحدهما: هو طلب مبلغ من المال يحول إلى شخص آخر مع الرجوع على الطالب بما تم تحويله في الوقت المتفق عليه، وهذا يكيف على أنه قرض، حيث يتم دفع المال وتمليكه للطرف الثالث بناء على طلب الطرف الأول مع التزامه برد مثله في الوقت المتفق عليه وهذه هي حقيقة القرض؛ إذ القرض عند الفقهاء يطلق على "دفع المال لينتفع به آخذه ثم يرد له مثله أو عينه"، كما في "كفاية الطالب الرباني"، للإمام أبي الحسن المنوفي المالكي (2/ 164، ط. دار الفكر)، فصاحب الخدمة مُقرِض والعميل مُقترض والمال المحول إلى الطرف الثالث هو مال القرض الواجب على العميل رده إلى صاحب الخدمة.

والقرض الحسن من الأمور المندوب إليها، التي يثاب صاحبها عليها؛ حيث إنَّه من جملة الخير المأمور به في مثل قوله تعالى: ﴿وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [الحج: 77].

وقد روى أبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَن نَفَّسَ عن مسلم كُرْبةً مِن كُرَبِ الدُّنيا، نَفسَ الله عنه كُرْبةً من كرب يوم القيامة، ومَن يَسَّرَ على مُعْسِرٍ، يَسَّرَ الله عليه في الدُّنيا والآخِرَة، ومَن سَتَر على مسلمٍ، سَتَرَ الله عليه في الدُّنيا والآخرة، واللهُ في عَونِ العبد ما كان العبدُ في عَونِ أخيه».

ثانيهما: القيام بعملية التحويل نفسها بناء على طلب العميل، ويكيَّف شرعًا على أنه عقد وكالةٍ، حيث يقوم صاحب الخدمة "الوكيل" بتوصيل المال إلى الشخص الذي يرغب العميل "الموكل" دفعه إليه عن طريق خدمة "الكاش" من خلال المحفظة الإلكترونية، وهذه هي حقيقة الوكالة، إذ هي عبارة عن إقامةِ الإنسانِ جائز التصرف غيرَه مَقامَ نَفْسه نيابة عنه في تصرُّفٍ معلومٍ، كما في "العناية" للإمام البَابَرْتِي الحنفي (7/ 499، ط. دار الفكر)، و"الإنصاف" للإمام المرداوي الحنبلي (5/ 353، ط. دار إحياء التراث العربي)، فالعميل موكل وصاحب الخدمة وكيل والمال المطلوب إيصاله هو محل الوكالة.

والوكالة جائزة شرعًا، فكل ما جاز للإنسان أن يعقده بنفسه جاز أن يوكل فيه غيره، ومن ذلك التوكيل في عقود الأموال وطلب الحقوق وإعطائها، وهو محل سؤالنا.

ولا يمنع من صحة المعاملة المذكورة اجتماع القرض مع الوكالة، فقد نص الفقهاء على جواز قضاء الوكيل دين موكله من مال الوكيل واعتباره قرضًا يرجع عليه به.

قال الإمام الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (6/ 37، ط. دار الكتب العلمية): [الوكيل بقضاء الدين إذا لم يدفع الموكل إليه مالا ليقضي دينه منه فقضاه من مال نفسه، يرجع بما قضى على الموكل؛ لأن الآمر بقضاء الدين من مال غيره استقراض منه، والمقرض يرجع على المستقرض بما أقرضه] اهـ.

حكم أخذ العمولة على التحويل

أما عمولة التحويل فهي من قبيل المصاريف الإدارية مقابل هذه الخدمة، وهي جائزة شرعًا.

وإذا جازت هذه المعاملة فإنه يجب أن تتم وفق اللوائح والقوانين المُنظمة لها، وعلى مقتضى ما تم التعاقد عليه بين من يعمل هذا العمل والشركة المنظمة له، وألا يخالف مقتضى العقد المبرم بينهما؛ لما تقرر شرعًا من وجوب الوفاء بالعقود والمحافظة على العهود، قال الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ [المائدة: 1].

قال الإمام القرطبي في "تفسيره" (6/ 32 بتصرف، ط. دار الكتب المصرية): [أمر الله سبحانه بالوفاء بالعقود، قال الحَسَن: يعني بذلك عقود الدَّيْن، وهي ما عَقَدَه المرء على نفسه، من بيع، وشراء، وإجارة، وكِراء، ومناكحة، وطلاق، ومزارعة، ومصالحة، وتمليك... وغير ذلك من الأمور] اهـ.

بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال:

فالمعاملة المسؤول عنها جائزة شرعًا مع وجوب أن تتم وفق اللوائح والقوانين المُنظمة لها، وعلى مقتضى ما تم التعاقد عليه بين من يعمل هذا العمل والشركة المنظمة له.

والله سبحانه وتعالى أعلم.