الفساد الانتخابي يهز الجزائر.. باب الرئاسة مفتوح لتبون على مصراعيه
أصدر مجلس القضاء الجزائري الاثنين قرارا بإيداع 68 متهما السجن المؤقت في قضية فساد سياسية تتعلق بـ"شراء توقيعات الناخبين" خلال عملية جمع استمارات الترشّح للانتخابات الرئاسية المقررّ اجراؤها في السابع من سبتمبر المقبل، بينما انحسر السباق الانتخابي بين ثلاثة مرشحين يتقدمهم الرئيس عبدالمجيد تبون الذي يجد نفسه في طريق مفتوح للفوز بمنصب الرئاسة للمرة الثانية.
وذكر بيان مجلس القضاء الجزائري أنه تم وضع ثلاثة متهمين تحت نظام الرقابة القضائية وإبقاء 6 آخرين في حالة سراح بعد الاستماع إليهم، موضّحا أن النيابة العامة لدى القطب الجزائي الوطني الاقتصادي والمالي، قد قامت يومي 3 و4 أغسطس الجاري بتقديم سبعة وسبعين شخصا مشتبها فيه منهم 3 راغبين في الترشح، حيث تم فتح تحقيق قضائي ضدهم، وفق وسائل اعلام جزائرية محلية.
ويتم ملاحقة المتهمين في القضية بتهم تتعلق بجنحة منح مزية غير مستحقة، واستغلال النفوذ، وتقديم هبات نقدية أو الوعد بتقديمها قصد الحصول أو محاولة الحصول على أصوات الناخبين، وسوء استغلال الوظيفة، وتلقي هبات نقدية أو وعود من أجل منح أصوات انتخابية، والنصب، وفق بيان المجلس.
ولم يذكر بيان النيابة العامة أسماء المرشحين الثلاثة، لكن وسائل إعلام ذكرت أن الأمر يتعلق بسيدة الاعمال سعيدة نغزة والوزير الأسبق بلقاسم ساحلي رئيس التحالف الوطني الجمهوري ومرشح غير معروف يدعى عبدالحكيم حمادي.
وكانت المحكمة الدستورية في الجزائر قد أعلنت الأربعاء عن لائحة نهائية تضم ثلاثة مترشحين لانتخابات الرئاسة الجزائرية، وهم الرئيس عبدالمجيد تبون، ورئيس حركة مجتمع السلم (حمس)، أكبر الأحزاب الاسلامية في الجزائر عبدالعالي حساني، والأمين العام لجبهة القوى الاشتراكية يوسف أوشيش، وهي القائمة التي كانت أقرتها السلطة المستقلة للانتخابات، فيما استبعدت مساعد وزير الخارجية الأسبق بلقاسم ساحلي، وسيدة الأعمال المعروفة سعيدة نغزة.
ونقلا عن وسائل إعلام جزائرية محلية، قال النائب العام لمحكمة الجزائر لطفي بوجمعة، في خلال مؤتمر صحافي الأسبوع الماضي، إنّ النيابة العامة أمرت الضبطية القضائية لجهاز الأمن الداخلي بـ"فتح تحقيق ابتدائي معمق حول السلوكيات التي تمثلت في شراء توقيعات الناخبين مقابل الحصول على التزكية من أجل الترشح للانتخابات الرئاسية"، مشيرا إلى أنّ "النتائج الأولية للتحقيق كشفت تورط ثلاثة راغبين في الترشح للرئاسة، يمكن أن تطاولهم الإجراءات العقابية".
وشدد بوجمعة على أن "الذي استفاد سيعاقب والذي قام بالفعل سيعاقب والذي توسط سيعاقب"، مضيفا "سيتم العمل بموجب ما جاء في قانون الفساد، وسيتم توقيف ومتابعة كل من تورط من قريب أو بعيد في مثل هذه الوقائع، في إطار تعزيز نزاهة العملية الانتخابية وضمان احترام القوانين، واتخاذ كافة الإجراءات القانونية لمكافحة التلاعب في العملية الانتخابية".
وأوضح ان "أكثر من 50 شخصا من المنتخبين اعترفوا بتلقيهم مبالغ مالية تتراوح ما بين 20 و30 ألف دينار (بين 150 وأكثر من 200 دولار مقابل تزكيتهم لهؤلاء الراغبين في الترشح".
ويتوجّب على الراغبين في الترشح للانتخابات الرئاسية جمع 600 توقيع على الأقل لمنتخبين في مجالس محلية أو البرلمان في 29 ولاية من أصل 58 ولاية جزائرية، أو ما لا يقل عن 50 ألف توقيع لمواطنين مسجلين على القوائم الانتخابية على أن يكون 1200 منها على الأقل في كل ولاية.
ونفت حركة حمس ضلوع منتخبيها في هذه القضية، إذ أكّد حساني أنه لم تصله أي معلومة حول استدعاء أي أحد من منتخبي الحركة للتحقيق، مضيفا "طالما نددنا بهذه التصرفات وسنبقى نناضل من أجل إنجاح الانتخابات بكل شفافية ونزاهة".
وفي تعليقها على القضية، قالت جبهة المستقبل التي تدعم تبون في الفوز بمنصب الرئاسة للمرة الثانية، في بيان إنها "تلقت بكل أسف ما كشفته التحقيقات القضائية من شراء وبيع للذمم واستعمال للمال الفاسد ومحاولة التأثير على نزاهة العملية الانتخابية".
وأكدت أنها تندد بشدة هذه "الممارسات البالية" والتي يفترض أنها انتهت منذ 2019، داعية للضرب بيد من حديد لتنقية الساحة السياسية من "تجار المواعيد الانتخابية"، كما حثت السلطات العمومية والقضائية على ضرورة التطبيق الصارم للقوانين السارية المفعول.
ويخوض الرئيس الجزائري سباقا نتائجه معلومة، حيث يجد نفسه في طريق مفتوح للفوز بولاية رئاسية ثانية مدعوما من الأحزاب الموالية ذات الأغلبية البرلمانية المكونة من جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديموقراطي وجبهة المستقبل وحركة البناء، إضافة إلى النواب المستقلين والجيش والعديد من الشخصيات التي تدور في فلك السلطة.
ويرى متابعون للمشهد السياسي الجزائري أن الاستحقاق الانتخابي لا يعدو أن يكون سوى ذر للرماد في العيون، في وقت يزداد فيه تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.
وأعلنت هيئة الانتخابات الخميس الماضي أن موعد انطلاق الحملة الانتخابية للمترشحين سيكون في الخامس عشر من أغسطس، مذكّرة بأن "لجنة مراقبة تمويل الحملة تعلم المترشحين بمجموعة من القواعد والضوابط القانونية التي يتوجب احترامها ومراعاتها".