الجامع الأزهر يوضح للأطفال فقه ترتيب الأولويات
استأنف الجامع الأزهر الشريف أمس، عقد حلقاته من ملتقى الطفل، والذي يأتي تحت عنوان: " الطفل الخلوق - النظيف - الفصيح".
جاء ذلك في إطار مواصلة الجامع الأزهر والرواق الأزهري، جهودهما في توعية النشء بالآداب الإسلامية والأخلاقيات السليمة النابعة من صحيح الدين، وحاضر في الملتقى الدكتور محمود عبد الجواد، الباحث بوحدة العلوم الشرعية والعربية بالجامع الأزهر الشريف، والدكتور أحمد عبد العزيز، الباحث بوحدة العلوم الشرعية والعربية بالجامع الأزهر الشريف.
وبدأ الدكتور محمود عبد الجواد المقصود، الباحث بوحدة العلوم الشرعية والعربية، كلمته بترتيب الأوليات في الإسلام بأنه ”وضع كل شيء في مرتبته بالعدل من الأحكام والقيم والأعمال، ثم يقدم الأولى فالأولى بناءً على معايير شرعية صحيحة، فلا يقدم غير المهم على المهم، ولا المهم على الأهم ولا المرجوح على الراجح، بل يقدم ما حقه التقديم ويؤخر ما حقه التأخير، ولا يكبر الصغير ولا يصغر الكبير، بل يوضع كل شيء في موضعه الذي شرع له.”
وأوضح الباحث أن القيم والأحكام والأعمال والتكاليف متفاوتة في نظر الشرع تفاوتاً بليغاً، وليست كلها في مرتبة واحدة، فمنها الكبير ومنها الصغير، ومنها الأصلي ومنها الفرعي، ومنها الأركان ومنها المكملات، وفيها الأعلى والأدنى، والفاضل والمفضول، وغير ذلك.
وأشار إلى فقه ترتيب الأولويات والذى يدعونا إلى تقديم الأصول على الفروع، ومقاصد الشريعة على الوسائل والآليات، والإيمان على بر الوالدين، وبر الوالدين على الجهاد، وفرض الكفاية والفرض على السنة، والعلم قبل العمل، والكيف على الكم، والعمل الدائم على المنقطع، وعمل القلب على عمل الجوارح، وترك الكبائر قبل الصغائر، والكفر والشرك قبل البدع. والأولى بمعنى الأحق والأجدر والأقرب، وفي كل مجال يكون للأحق والأجدر والأقرب معنىً مناسباً للموضوع، ومن ذلك ما سلكه النبي ﷺ في ترتيبه للأولويات كما أورده البخاري عن ابن عباس – رضي اللَّه تعالى عنهما – ” أن النبيَّ ﷺ بعَثَ مُعاذًا رضي الله عنه إلى اليمنِ، فقال: ادعُهم إلى شهادةِ أن لا إلهَ إلا اللهُ وأني رسولُ اللهِ، فإن هم أطاعوا لذلك، فأَعْلِمْهم أن اللهَ قد افتَرَضَ عليهم خمسُ صلواتٍ في كلِّ يومٍ وليلةٍ، فإن هم أطاعوا لذلك، فأَعْلِمْهم أن اللهَ افتَرَضَ عليهم صدقةً في أموالِهم، تُؤْخَذُ مِن أغنيائِهم وتُرَدُّ على فقرائِهم”.
وأكد الباحث أن النبي ﷺ بيَّن الأولويات والمهم فالأهم من الأعلى إلى الأدنى في شعب الإيمان، فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: ”الإيمان بضع وسبعون شعبة، أفضلها: قول لا إله إلا الله، وأدناها: إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان“. فجعل الرسول ﷺ من هذه الشعب أعلى وأدنى، وبيَّن الأعلى والأدنى وسط ورتب أخرى، فلا يجوز أن يقلب المسلم الأوضاع فيجعل الأعلى أدنى، والأدنى أعلى، فمثلاً الوفاء بالدين أوجب من أداء الحج، لكن يجوز تأجيل الدين إذا وافق الدائن وتيقن من الوفاء بعد الحج.
وشدد على أنه ينبغى على لكل مسلم أن ينضبط عنده ميزان الأولويات بشكل منطقي وصحيح حتى لا يقدِّم المهم على الأهم، أو يحرص على المفضول ويترك الفاضل، كمن يحرص على أداء بعض النوافل والمستحبات ويفرط في أداء الفرائض والواجبات أو يتساهل في فعل المحرمات.
ومن جانبه تناول الدكتور أحمد عبد العزيز، الباحث بوحدة العلوم الشرعية والعربية بالجامع الأزهر الشريف، شرح الإسم وعلامته حيث قام بتعريفه، موضحاً أنواعه، ومواضعه، وحالات إعرابه، مدللاً علي ذلك بالأمثلة التوضيحية.
وفي نهاية الملتقى، اختتم الباحثان حديثهما بالإجابة عن بعض الأسئلة حول الموضوع، وأثناء الشرح استخدم الباحثان بعض الشرائح التوضيحية، معتمدَيْن على أسلوب المناقشة والتحاور مع الأطفال، تشجيعاً لهم على المشاركة.
يذكر أن ملتقى " الطفل الخلوق والنظيف والفصيح" يعقد يوم السبت من كل أسبوع بالجامع الأزهر، ويتم تنفيذه في بعض المحافظات ، وذلك لتربية النشء على أسس صحيحة، وفهم عميق لأخلاقيات ديننا الحنيف.