العقوبات الدولية.. سلاح بلا فاعلية في مواجهة الإرهاب بالساحل الإفريقي
منذ سنوات، كرست العديد من الدول والمنظمات عقوبات صارمة ضد كيانات متشددة وقياداتها، على أمل تضييق الخناق عليها في ظل الهجمات الدموية التي تشهدها المنطقة. لكن مع تصاعد هذه الهجمات في الآونة الأخيرة، باتت الأسئلة تطرح حول فعالية هذه العقوبات.
إياد آغ غالي، زعيم "جماعة نصرة الإسلام والمسلمين" المرتبطة بتنظيم القاعدة، هو إحدى الشخصيات التي تواجه عقوبات دولية، بما في ذلك مذكرة اعتقال أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية. ومع ذلك، لا تزال جماعته قادرة على تنفيذ هجمات دموية عبر الحدود.
عقوبات بلا تأثير
علق الخبير العسكري المتخصص في الشأن الإفريقي، عمرو ديالو، على هذه الظاهرة بالقول: "هذه الجماعات وقياداتها لا تكترث بالعقوبات والقرارات القضائية الدولية، لأنها محصورة في مناطق معينة، مثل جماعة نصرة الإسلام والمسلمين التي نفذت بعضًا من أكثر الهجمات دموية في الساحل الإفريقي."
ديالو أضاف أن هناك مأزقًا تواجهه الدول في المنطقة والقوى الأجنبية، حيث تفتقر المنظمات الدولية إلى الأدوات اللازمة لتنفيذ مذكرات الاعتقال أو التأكد من التزام هذه الكيانات بالعقوبات. لكنه أشار إلى أهمية العقوبات من ناحية محاصرة هذه الكيانات ماليًا، رغم صعوبة تطبيق قرارات منع شراء الأسلحة في ظل وجود سوق سوداء متطورة في إفريقيا.
وأكد ديالو أن المدنيين يدفعون الثمن نتيجة عدم امتثال هذه الكيانات للعقوبات، حيث يتعرضون للتنكيل والاستهداف من قبل الجماعات المسلحة، التي تسعى لإثبات قوتها ونفوذها.
سلاح ذو حدين
المحلل السياسي قاسم كايتا رأى أن "العقوبات سلاح ذو حدين" يُستخدم من قبل الجماعات المسلحة لإظهار ضرورة وجودها، مدعية أنها تعارض الإمبريالية الغربية وروسيا. وأكد كايتا أن الشراكات العسكرية الأجنبية وحدها لا تكفي لاحتواء الخطر الإرهابي في الساحل الإفريقي، بل هناك مستويات أخرى تحتاج الحكومات المحلية والشركاء الدوليين للعمل عليها.
أحد هذه المستويات هو مقاومة التهميش والفقر، وهما عاملان مهمان تستغلهما الجماعات المتشددة لاستقطاب الناس. كما شدد كايتا على ضرورة مراقبة الحدود بشكل جيد، حيث تُعد نقاط العبور السلسة للسلاح. وعندما تسقط هذه الأسلحة في يد المتشددين، تزداد الأوضاع سوءًا، مما يتطلب من القوى الدولية والحكومات المحلية إيجاد بدائل فعالة للحلول الحالية.
هل أصبحت باماكو ملاذًا للجماعات المتشددة؟
أثار الهجوم الأخير الذي شنته جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، المرتبطة بتنظيم القاعدة، على العاصمة المالية باماكو، تساؤلات حول ما إذا كانت المدينة أصبحت ملاذًا للتنظيمات المتشددة في منطقة الساحل الأفريقي. الهجوم، الذي أسفر عن مقتل 77 شخصًا وإصابة نحو 220 آخرين، استهدف منشآت عسكرية ومدنية، بما في ذلك مطار باماكو، مما يعكس تزايد تهديد هذه الجماعات.
هذا الهجوم يعد ضربة قوية للمجلس العسكري الحاكم في مالي، الذي تولى السلطة بعد انقلابين في عامي 2020 و2021. وعلى الرغم من تصريحه بأن الوضع تحت السيطرة، يواجه المجلس تحديات كبيرة مع انتشار المتشددين المرتبطين بتنظيمي القاعدة وداعش في المنطقة منذ سنوات.