العراق يعلن الحرب على التطرف الديني.. القضاء يتصدى لجماعة القربان
أعلن مجلس القضاء الأعلى في العراق عن اتخاذ إجراءات قانونية مشددة ضد حركات دينية متطرفة تستغل الأديان والمذاهب للقيام "بممارسات شاذة"، وذلك في ظل تزايد المخاوف من تنامي نفوذ جماعة شيعية مغالية تُعرف باسم "القربان". وأكد رئيس مجلس القضاء الأعلى، فائق زيدان، في مراسلة موجهة إلى محكمة التمييز الاتحادية ورئاسة الادعاء العام ورئاسات محاكم الاستئناف، ونشرتها وكالة "شفق نيوز" العراقية، أن بعض الحركات استغلت الأديان والمذاهب لتنفيذ ممارسات لا تتوافق مع المبادئ والقيم الدينية، وتشكّل تهديداً على حياة أتباع تلك الأديان أو المذاهب، مما يتطلب اتخاذ إجراءات قانونية حاسمة بحقهم، مع توجيه المحاكم الجزائية بضرورة التعامل الصارم مع هذه القضايا.
في السياق ذاته، كانت القوات الأمنية العراقية قد أطلقت، في يوليو الماضي، عملية أمنية واسعة لملاحقة أنصار جماعة "القربان" أو ما يُعرف بـ"العلاهية"، خاصة في محافظة الناصرية جنوبي البلاد، مع تصاعد نفوذ هذه الجماعة في محافظات الوسط والجنوب. وتقوم الجماعة بترويج أفكار وطقوس غريبة، مثل الانتحار أو "التضحية بالنفس" كوسيلة للتقرب من الإمام علي بن أبي طالب.
وتعتبر جماعة "القربان" محظورة دستورياً وقانونياً في العراق، حيث إن أتباعها يعتقدون بألوهية الإمام علي، وهو ما يخالف القوانين العراقية والدستور الذي يجرم الترويج لهذه الأفكار. وكان مدير الاستخبارات في محافظة الديوانية قد أعلن في 17 يونيو الماضي، إلقاء القبض على مسؤول الحركة في محافظة ذي قار أثناء توجهه إلى كربلاء. وفي مايو الماضي، اعتقلت شرطة ذي قار 6 أعضاء من الجماعة بتهمة إقناع ثلاثة من رفاقهم بالانتحار، مما أثار موجة قلق في المجتمع المحلي، خاصة أن بعض التحقيقات أظهرت تورط عدد من المنتحرين في تعاطي المخدرات وارتكاب جرائم جنائية.
وفي الأشهر الأخيرة، سجلت محافظات جنوب العراق نحو 12 حالة انتحار بين أعضاء جماعة "القربان"، وترك بعضهم رسائل مكتوبة يشيرون فيها إلى كونهم "قرابين للإمام علي". كما تداولت منصات التواصل الاجتماعي، وخاصة تطبيق "تيك توك"، منشورات لقادة الجماعة تحمل أسماء وألقاب غريبة مثل "خادم علي" و"قربان ابن الحسن" و"أبوليو". وتخشى الحكومة العراقية من تمدد هذه الجماعة، خاصة أن أعضاءها يستهدفون المراهقين. وفي حادثة مقلقة، انتحر مراهق يبلغ من العمر 15 عاماً شنقاً في منزله بمحافظة ذي قار، ما أثار مخاوف حول تأثير هذه الجماعة على الشباب.
وتُظهر التحقيقات أن الجماعة تملك تنظيماً واضحاً ونشاطاً مكثفاً على منصات التواصل الاجتماعي، حيث يحظى بعض قادتها باهتمام واسع. وكانت الأجهزة الأمنية قد اعتقلت أحد زعماء الجماعة المدعو "أبوليو"، الذي ظهر في عدة مقاطع مصورة وهو يتنقل بين محافظات العراق وزار إيران في وقت سابق، لأسباب لم تُعرف بعد.
يُجرّم الدستور العراقي ظهور مثل هذه الحركات، وتنص المادة 372 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل على معاقبة مؤسسي أو أعضاء هذه الجماعات بالسجن المؤبد أو الإعدام. كما تنص المادة السابعة من الدستور على حظر أي كيان يتبنى "العنصرية" أو "الإرهاب" أو "التكفير" أو "التطهير الطائفي" أو يروّج لها.
وتواصل الأجهزة الأمنية والقضائية حملاتها لملاحقة أعضاء هذه الجماعات، حيث نفذت العديد من الاعتقالات بناءً على أوامر قضائية، كما حدث مع جماعة "أصحاب القضية" و"جند السماء"، وحالياً مع جماعة "القربان"، وذلك بهدف الحد من تأثيرهم على المجتمع وحماية المواطنين.