مجلس حكماء المسلمين يناقش أسس الحوار الإسلامي
واصل جناح مجلس حكماء المسلمين فعاليات برنامجه الثقافي في معرض بغداد الدولي للكتاب؛ حيث عقد ندوة بعنوان: "الحوار الإسلامي مقومات وأسس"، قدَّمها كلٌّ من الدكتور عبد الوهاب السامرائي، الأستاذ في كلية الإمام الأعظم الجامعة، والدكتور سمير بودينار، مدير مركز الحكماء لبحوث السلام، تناولت الأسس والمقومات المطلوبة لإنجاح الحوار الإسلامي الإسلامي، وسبل تعزيز الاحترام المتبادل بالعودة إلى القرآن الكريم والسنة النبوية كأسس للحوار، مع تفعيل دور المؤسسات العلمية والفكرية.
وفي مستهل الندوة، أكد الدكتور سمير بودينار أهمية تعزيز الحوار بين مكونات الأمة الإسلامية، الذي أصبح ضرورة ملحّة اجتماعيًّا ودينيًّا أو إنسانيًّا، وذلك في ضوء التحديات الكبرى والمتعددة التي تهدد وحدة الأمة واستقرارها، مما يتطلب استمرار العمل على وضع الأسس والمقومات والشروط التي من شأنها ضمان نجاح الحوار في تحقيق أهدافه المرجوة.
وأضاف مدير مركز الحكماء لبحوث السلام أن الحوار الناجح لا يمكن أن يتحقق إلا إذا بُني على تراث الأمة العريق ونهجها المستمد من قيمها الدينية والإنسانية التي عاشت بها عبر العصور، مشيدًا بالدعوة التاريخية التي أطلقها الإمام الأكبر د. أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف رئيس مجلس حكماء المسلمين خلال ملتقى البحرين عام 2022 التي دعت إلى إجراء حوار إسلامي-إسلامي، ومؤكدًا أن هذه الدعوة تهدف إلى تجاوز الأمة للمنعطفات التاريخية الصعبة التي تمر بها، وتوحيد صفوفها لمواجهة التحديات القاسية التي تعمل على تأجيج عوامل التفرقة والانقسام بين المسلمين.
من جانبه قال الدكتور عبد الوهاب السامرائي، إن الحوار الإسلامي يجب أن يكون نهجًا للحياة، وسلوكًا يوميًّا لبناء جسور التفاهم والتعايش، بعيدًا عن العنف والتطرف الطائفي وعدم احترام الآخر؛ بحيث تتبناه المؤسسات والنخب، لينتشر تدريجيًّا ليصل إلى جميع فئات المجتمع، مؤكدًا ضرورة امتداد هذا الحوار ليشمل الشباب والأجيال القادمة، فهم قادة المستقبل وحملة الأمل، الذين سيقودون المجتمع نحو مستقبل أفضل، وألا يبقى الحوار محصورًا بين النخب فقط؛ لأن ذلك لن يحقق التغيير المطلوب في الواقع.
كما توجه الأستاذ في كلية الإمام الأعظم الجامعة بالشكر والتقدير إلى مجلس حكماء المسلمين على إصداراته ومؤلفاته المتنوعة والمتميزة والبرنامج الثقافي الذي يقدمه في معرض بغداد الدولي للكتاب والذي أسهم في إثراء فعاليات المعرض، مضيفا: إننا اليوم نشهد جهودًا ملموسة من المجلس في مجال تعزيز الحوار الإسلامي-الإسلامي، وهي جهود نأمل أن تؤتي ثمارها في تقريب وجهات النظر بين مختلف المذاهب ومدارس الفكر الإسلامية، لأن هذا الحوار يجب أن يتم وفقًا لأرقى الأساليب وأسمى القيم، بما يعزز روح الوحدة والتضامن بين المسلمين في مواجهة التحديات الراهنة التي تهدد استقرار الأمة ووحدتها.
و أضاف الدكتور السامرائي أن الحوار الإسلامي- الإسلامي يعد فريضة اجتماعية وسنة كونية، وإرادة شرعية، ومطلب إنساني وواجب ثقافي؛ ويجب أن يستند إلى مقومات أساسية، وفي مقدمتها التكافؤ، وحسن الظن والاحترام المتبادل، مشيرًا إلى أن تعزيز المشتركات بين الطوائف الإسلامية، مثل العقيدة المشتركة في التوحيد والنبوة والقرآن واليوم الآخر، سيكون أكثر فعالية، وبديلًا عن التركيز على القضايا الخلافية، كما اختتم حديثه بالتأكيد على أن الحوار يجب أن يرافقه مراجعة جادة ونتائج ملموسة، موضحًا أنه إذا لم تثمر المراجعة عن تصحيح للمواقف والأخطاء، فإن الحوار يفقد قيمته، وعلى المؤسسات المحاورة أن تتخذ إجراءات حقيقية بناءً على نتائج الحوار، وأن تكون هناك محاسبة قانونية تجرم الإساءة إلى الرموز الدينية وتعزز التسامح والتعايش.
ويشارك مجلس حكماء المسلمين بجناح خاص للمرة الأولى في معرض بغداد الدولي للكتاب، وذلك انطلاقًا من رسالته الهادفة إلى تعزيز السِّلم وترسيخ قيم الحوار والتسامح، ومد جسور التعايش بين بني البشر على اختلاف أجناسهم ومعتقداتهم؛ حيث يقدم جناح المجلس الذي يقع في قاعة بغداد جناح رقم H2، أكثر من 220 إصدارًا بـ 5 لغات مختلفة، منها 24 إصدارًا جديدًا، يعالج أبرز القضايا الفكرية والثقافية المهمة، كما يستضيف الجناح سلسلة من الندوات والمحاضرات المتميزة، يشارك فيها نخبة من كبار المفكرين والعلماء والأكاديميين، لمناقشة سُبل تعزيز الحوار والتفاهم بين كافة الطوائف الإسلامية، وبناء جسور التواصل والسعي نحو مزيد من التعاون والوحدة بين مختلف مكونات الأمة.