إيران تدرس نقل العاصمة إلى مكران.. تعرف على المدينة الجديدة

إيران تدرس بجدية فكرة نقل عاصمتها إلى مدينة مكران الواقعة على ساحل خليج عمان، في خطوة تهدف إلى معالجة مجموعة من المشاكل المزمنة التي تواجهها طهران، مثل الاختناقات المرورية، شح المياه، التلوث البيئي، والهبوط الأرضي. وعلى الرغم من أن هذه الفكرة قد طرحت لأول مرة عام 1979، إلا أنها لم تُنفذ بسبب العقبات المالية واللوجستية التي حالت دون تحقيقها. ومع تزايد الضغوط الحضرية والبيئية على طهران، أعاد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان مؤخراً إحياء هذه الفكرة، مشيراً إلى أن المدينة تواجه تحديات متزايدة في مختلف المجالات.
في يناير الماضي، أعلنت المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية فاطمة موهاجراني أن السلطات الحكومية تدرس إمكانية نقل العاصمة إلى مكران، لكن دون تحديد موعد معين لتنفيذ هذه الخطوة. وتُعتبر منطقة مكران، التي تمتد عبر محافظتي سيستان وبلوشستان وهرمزغان، الموقع الأنسب لتحل مكان طهران بفضل موقعها الجغرافي على ساحل خليج عمان. وقد أكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في خطاب له أن مكران ينبغي أن يكون المركز الاقتصادي المستقبلي لإيران، مما يعكس الطموحات الإيرانية لتطوير هذه المنطقة وتحويلها إلى نقطة محورية في الاقتصاد الوطني.
ومع طرح هذه الفكرة، أثارت الخطط المقترحة لنقل العاصمة جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والثقافية الإيرانية، حيث كان من أبرز النقاط المثارة ضرورة مراعاة الأبعاد التاريخية والثقافية لطهران. فقد أكد النائب الإيراني علي خزاعي على ضرورة أخذ "الثقافة الغنية" لطهران في الحسبان عند اتخاذ قرار اختيار العاصمة الجديدة، مشيراً إلى أن المدينة تمتلك إرثاً تاريخياً وثقافياً عميقاً لا يمكن تجاهله.
تُعتبر طهران، التي أصبحت عاصمة لإيران منذ عام 1786، المركز السياسي والثقافي والإداري الرئيسي في البلاد. ويبلغ عدد سكان طهران نحو 18 مليون نسمة، إلى جانب حوالي مليوني شخص يدخلون المدينة يومياً للعمل أو لأغراض أخرى. المدينة تقع على هضبة منحدرة عند سفح جبال ألبرز، حيث تمتزج المباني الحديثة مثل ناطحات السحاب مع المعالم التاريخية والقصور والحدائق، مما يجعلها رمزاً للحداثة والتطور الإيراني. وفي حين يعتقد البعض أن نقل العاصمة قد يكون خطوة غير صائبة بسبب رمزية طهران الثقافية والتاريخية، يرى آخرون أن هذه المشاكل يمكن حلها من خلال استثمارات وتطوير بنية المدينة التحتية.
ومن جهة أخرى، طرح وزير الداخلية الإيراني السابق أن نقل العاصمة قد يتطلب ميزانية ضخمة تصل إلى حوالي 100 مليار دولار، وهو ما يثير تساؤلات حول قدرة الحكومة الإيرانية على تمويل هذه الخطة في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة، بما في ذلك تأثير العقوبات الدولية.
وفي تقييم أجرته وكالة "إيسنا"، تم الإشارة إلى أن منطقة مكران قد تصبح مركزاً تجارياً مهماً في المستقبل، مما يسهم في تطوير الاقتصاد الإيراني. ومع ذلك، أضافت الوكالة أن هذه الخطوة قد تزيد من الأعباء المالية على الحكومة الإيرانية في ظل العقوبات المستمرة. كما نشرت صحيفة "اعتماد" الإيرانية بعض الفوائد المحتملة لنقل العاصمة إلى مكران، مثل التنمية الإقليمية والوصول إلى المياه المفتوحة التي ستوفر لها فرصاً تجارية جديدة. ومع ذلك، نبهت الصحيفة إلى أن نقل العاصمة سيستلزم استثمارات ضخمة وقد يسبب اضطرابات في حياة المواطنين نتيجة للانتقال المفاجئ والمكلف.
أما موقع "خبر أونلاين" فقد أشار إلى بعض التحديات البيئية التي قد تواجه مكران، مثل تأثير التغيرات المناخية، حيث ذكر الخبير حسين مرادي أن الظروف البيئية في المنطقة تشكل تحدياً كبيراً. وأضافت الخبيرة بانافشه كينوش أن اختيار مكران قد يكون له طابع استراتيجي، حيث يساهم في تعزيز مكانة إيران في المنطقة، لا سيما في التنافس مع موانئ بحرية مهمة مثل دبي وجوادر. كما يمكن أن يعزز هذا التحول من موقع إيران الاستراتيجي في ممرات الشحن الدولية في الخليج.
باختصار، بينما يطرح نقل العاصمة الإيرانية إلى مكران كحل للعديد من المشاكل المزمنة التي تواجه طهران، يبقى المشروع محاطاً بالكثير من التحديات المالية، اللوجستية، البيئية، والثقافية التي قد تعيق تنفيذه.