حل حزب العمال الكردستاني.. تحول تاريخي يعيد رسم مستقبل القضية الكردية

في خطوة غير مسبوقة قد تعيد تشكيل مستقبل القضية الكردية، دعا عبد الله أوجلان، زعيم حزب العمال الكردستاني، إلى حل المنظمة التي أسسها عام 1978، وليس فقط التخلي عن السلاح. هذه الرسالة تحمل دلالات عميقة، خاصة وأنها موجهة لعشرات الآلاف من المقاتلين الأكراد المنتشرين في تركيا والعراق وإيران وسوريا، مما يفتح الباب أمام مرحلة جديدة في الصراع الكردي-التركي.
كما حث أوجلان القادة العسكريين لحزب العمال الكردستاني، المتمركزين في جبال قنديل شمالي العراق، على عقد مؤتمر للنظر في دعوته إلى نزع السلاح وإنهاء العمل المسلح، وهي خطوة قد تكون نتيجة لتفاهمات سياسية لم تُكشف تفاصيلها بعد بينه وبين الحكومة التركية.
تنازلات أنقرة
بينما في المقابل، صرح قادة الحزب بأنهم يدعمون دعوة أوجلان، لكنهم يشددون على ضرورة أن يقود التحول بنفسه بحرية، من منظمة مسلحة إلى كيان سياسي في تركيا. ومع ذلك، لا تزال التساؤلات قائمة حول التنازلات التي قدمتها أنقرة لضمان هذا التحول الجذري.
بينما على مدار العقود الماضية، تغير المشهد السياسي والحقوقي للأكراد في تركيا. ففي وقت تأسيس الحزب، كان التحدث بالكردية مجرّماً، أما اليوم، فقد حصل الأكراد على حقوق كانت غير متخيلة سابقاً. ورغم ذلك، لا تزال الشكوك قائمة حول مدى جدية الحكومة التركية في منح الأكراد حقوقاً سياسية أوسع ضمن إطار ديمقراطي حقيقي.
ضغوط تركية
كما يأتي هذا التطور وسط ضغط تركي متزايد على القوى الكردية الأخرى في المنطقة، خصوصاً قوات سوريا الديمقراطية في شمال سوريا، والتي تعتبرها أنقرة امتداداً لحزب العمال الكردستاني. وقد يكون لأي عملية سلام مستقبلية داخل تركيا تأثيرات مباشرة على الوضع في سوريا، رغم أن أوجلان لم يتطرق إليها في رسالته.
مانديلا كردستان
يُذكر أن أوجلان، الذي يُلقبه البعض بـ"مانديلا كردستان"، اعتقل عام 1999 بعد عملية اختطاف مثيرة أثناء محاولته اللجوء إلى جنوب أفريقيا، وهو مسجون منذ ذلك الحين في جزيرة إمرالي. ورغم سنوات السجن الطويلة، لا يزال الشخصية الأكثر تأثيراً في الحركة الكردية داخل تركيا وخارجها، ما يجعل دعوته لنزع السلاح وإعادة هيكلة الحزب نقطة تحول رئيسية في مسار القضية الكردية.
تتابع حكومات إيران والعراق وسوريا هذه التطورات عن كثب، إذ إن أي تغيير في وضع حزب العمال الكردستاني ستكون له انعكاسات إقليمية، سواء على الحركات الكردية في تلك الدول أو على موازين القوى في الصراع الدائر بين الأكراد وأنظمة الحكم في المنطقة.