تقارب روسي أمريكي محتمل وسط تباينات أوروبية بشأن أوكرانيا

تشير التصريحات الصادرة عن الكرملين إلى تغيرات في السياسة الخارجية الأمريكية تحت قيادة الرئيس دونالد ترامب، حيث يرى المسؤولون الروس أن هذا التغيير يتماشى إلى حد كبير مع رؤية موسكو، مما يفتح الباب أمام إمكانية إعادة تطبيع العلاقات الثنائية.
مسار إصلاح العلاقات بين موسكو وواشنطن
أكد الكرملين أن هناك محاولات جارية لإصلاح العلاقات الأمريكية-الروسية، لكنه أقر بأن الطريق لا يزال طويلًا، خاصة في ظل المصالح الاقتصادية المتشابكة بين البلدين، مثل التعاون في المعادن الأرضية النادرة، التي تعتبر روسيا من أكبر منتجيها بينما تعتمد عليها الولايات المتحدة في صناعاتها التكنولوجية والدفاعية.
ورغم أن الرئيسين فلاديمير بوتين ودونالد ترامب أبديا رغبة في استئناف الحوار، إلا أن المواقف العملية ستظل مرهونة بمدى التقدم في حل الأزمة الأوكرانية، حيث يرى الكرملين أن واشنطن تتبنى موقفًا أكثر توازنًا إزاء الصراع مقارنة بالإدارات الأمريكية السابقة.
جهود دبلوماسية لإعادة التوازن في العلاقات الدولية
التقى وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف بنظيره الأمريكي ماركو روبيو ومسؤولين أمريكيين في قصر الدرعية بالرياض، في محاولة لإحياء العلاقات الثنائية ومناقشة الأزمة الأوكرانية. وبحسب تصريحات لافروف، فإن المحادثات جرت في أجواء إيجابية، وهو ما أكده الرئيس بوتين الذي أشار إلى أن المفاوضات كانت "ودية وبناءة".
في الوقت نفسه، يجري التخطيط لعقد قمة بين الرئيسين بوتين وترامب لمناقشة تطورات الحرب في أوكرانيا، إلا أن موعد اللقاء لم يُحدد بعد، مما يعكس استمرار الضبابية حول مستقبل العلاقة بين القوتين العظميين.
الموقف الأوروبي: انقسام بين التصعيد والتهدئة
على الجانب الأوروبي، يبدو أن فرنسا تتبنى موقفًا مغايرًا، حيث صرح المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، بأن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أبدى استعداده للحوار مع بوتين، لكنه لم يتخذ أي خطوات عملية لتحقيق ذلك. وأضاف أن باريس لا تزال تدعم استمرار الصراع الأوكراني "بأي وسيلة"، وهو ما يعكس تباينًا في وجهات النظر بين موسكو والعواصم الأوروبية.
لكن ماكرون عاد وألمح إلى إمكانية الحوار في "اللحظة المناسبة"، مشيرًا إلى أن وقف إطلاق النار قد يكون ممكنًا خلال الأسابيع المقبلة، مما يفتح الباب أمام مفاوضات سلام، خاصة إذا توافقت الرؤى بين موسكو وواشنطن.
التصعيد العسكري في أوكرانيا والتضارب في الأرقام
في سياق موازٍ، أعلنت هيئة الأركان الأوكرانية ارتفاع عدد الضحايا الروس منذ بدء الحرب إلى أكثر من 876 ألف جندي، مع تدمير آلاف القطع العسكرية الروسية. هذه الأرقام، التي أوردتها وكالة الأنباء الوطنية الأوكرانية (يوكرينفورم)، لا يمكن التحقق منها من مصادر مستقلة، ما يعكس استمرار حرب المعلومات بين الجانبين الروسي والأوكراني.
مستقبل الصراع
يتضح أن المشهد الدولي يسير على خطين متوازيين: الأول يتمثل في جهود موسكو وواشنطن لإعادة بناء العلاقات الثنائية، مما قد ينعكس على مسار الحرب في أوكرانيا، والثاني هو الانقسام الأوروبي حول كيفية التعامل مع روسيا، حيث تتباين المواقف بين التهدئة والتصعيد.
وفي ظل هذه التغيرات، تبقى التطورات القادمة مرهونة بمدى قدرة موسكو وواشنطن على تجاوز العقبات وتحقيق تقدم ملموس في مساعي السلام، مع الأخذ في الاعتبار التوازنات السياسية والاقتصادية التي تحكم الصراع في أوكرانيا وعلاقاته الدولية المعقدة.