الأكبر في التاريخ .. شيخ الأزهر: لا يجب أن يؤدي الخلاف بين السنة والشيعة إلى التكفير

يعد الخلاف بين السنة والشيعة هو واحد من أكبر الخلافات التاريخية في الإسلام، وقد نشأ بعد وفاة النبي محمد صلى الله عليه وسلم حول مسألة الخلافة ومن يجب أن يقود الأمة بعده. فيما يلي بعض الجوانب الرئيسية لهذا الخلاف:
1. الخلاف حول الخلافة:
السنة: يؤمنون بأن الخلافة يجب أن تكون بناءً على الشورى (التشاور) بين المسلمين، وأن أول خليفة بعد النبي هو أبو بكر الصديق، الذي تم اختياره من قبل الصحابة. السنة يعتبرون أن خلافة الخليفة لا يجب أن تكون محددة من قبل النبي.
الشيعة: يعتقدون أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم قد عين علي بن أبي طالب خليفة من بعده، وأن الخلافة يجب أن تكون في عائلة النبي، وتحديداً في نسل علي وفاطمة. لذلك، يعتبر الشيعة أن علي هو أول إمام، وأن الإمامة حق عائلي.
2. الإمامة والخلافة:
السنة: لا يعتقدون أن الإمامة هي منصب إلهي يجب أن يكون في نسل معين، بل يعتقدون أن القائد يجب أن يتم اختياره من قبل الأمة بناءً على كفاءته واهتمامه بمصلحة المسلمين.
الشيعة: يرون أن الإمامة هي منصب إلهي، وأن الأئمة من نسل علي يجب أن يتخذوا هذا الدور. يُعتقد أن الأئمة لديهم معرفة خاصة وأعلى درجة من الفهم الديني.
3. الكتب المقدسة:
السنة: يعترفون بالقرآن الكريم فقط كمصدر رئيسي للتشريع، ويميلون إلى تفسيره وفقاً للسنة النبوية.
الشيعة: بالإضافة إلى القرآن الكريم، يعتبر الشيعة أن هناك مصادر إضافية مثل الحديث الكوفي والكتب الخاصة بهم مثل "الكافي" التي تتضمن أقوال الأئمة، كما يعتبرون حديث الأئمة مرجعًا تشريعيًا أساسيًا.
4. الطقوس والشعائر:
السنة: يمارسون شعائر الصلاة والصوم والزكاة والحج بنفس الطريقة التي وردت في الحديث النبوي، وهي عادة واحدة في جميع أنحاء العالم الإسلامي.
الشيعة: لديهم بعض الشعائر الخاصة مثل يوم عاشوراء، الذي يحيونه إحياء لذكرى مقتل الإمام الحسين بن علي في معركة كربلاء، كما يختلفون في طريقة الصلاة وبعض التفاصيل الأخرى.
5. الاعتقاد بالمهدي المنتظر:
السنة: يعتقدون أن المهدي المنتظر سيكون شخصًا من نسل النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وسيظهر في المستقبل ليملأ الأرض عدلاً بعد أن كانت قد امتلأت جورًا.
الشيعة: لديهم اعتقاد خاص بالمهدي المنتظر، حيث يعتبرون أن الإمام الثاني عشر (الإمام محمد بن الحسن) هو المهدي المنتظر الذي غاب عن الأنظار وسيعود في المستقبل ليملأ الأرض عدلاً.
6. الاختلافات التاريخية:
بدأ الخلاف بين السنة والشيعة في معركة الجمل وصفين ثم في مجزرة كربلاء التي قُتل فيها الإمام الحسين بن علي، وهي من اللحظات المفصلية التي عمّقت هذا الانقسام بين الطائفتين.
بالرغم من هذه الخلافات، هناك العديد من القواسم المشتركة بين السنة والشيعة مثل الإيمان بالله ورسوله، واتباع القرآن الكريم. لكن اختلافاتهم في بعض القضايا التاريخية والدينية جعلت لكل طائفة رؤيتها الخاصة حول كيفية فهم الإسلام وتطبيقه.
وفي ذلك السياق أكد فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، أن الخلاف بين السنة وإخوانهم الشيعة لم يكن خلافا حول الدين، وعلى كل من يتصدى للدعوة أن يحفظ حديث النبي "صلى الله عليه وسلم" حين قال: " من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا، فذلكم المسلم الذي له ذمة الله ورسوله فلا تخفروا الله في ذمته"، ويتقن فهمه الفهم الصحيح.
وأضاف شيخ الأزهر، خلال ثاني حلقات برنامجه الرمضاني «الإمام الطيب»،أن الأمة الإٍسلامية حاليا في أشد الحاجة إلى الوحدة في القوة والرأي لمجابهة تحديات العصر والانتصار على أعداء الأمة، فهناك كيانات عالمية اتحدت دون وجود ما يوحدها، كما اتحدت دول الاتحاد الأوروبي، وغيرها، ليس لشيء سوى أنها رأت ذلك ضرورة من الضرورات الحياتية العملية، ونحن أولى منهم بذلك بكل ما بيننا من مشتركات.
وأشار إلى أن هذا اختلاف طبيعي في ذلك الوقت، خضع في تغليب أحدنا على الآخر لضرورات حياتية عملية فرضتها الظروف حينها، ولا يجب أن يكون هذا الاختلاف سببا في أن يكفر أحدنا الآخر، بل يجب فهم أن في هذا النوع من الاختلاف رحمة، فالصحابة رضوان الله عليهم قد اختلفوا، وقد أقر النبي "صلى الله عليه وسلم" اختلافهم، ولكن لم يكفر أحد أحدا من الصحابة، كما أننا نحن السنة لدينا الكثير من المسائل الخلافية، فلدينا المذهب الحنفي والمذهب الشافعي وغيرها من المذاهب، بكل ما بينها من أمور خلافية.
وتابع: الاختلاف بيننا وبين إخواننا الشيعة هو اختلاف فكر ورأي وليست فرقة دين، ودليل ذلك ما ورد عن النبي "صلى الله عليه وسلم" في حديثه المعجز، الذي استشرف فيه المستقبل فحذرنا من مخاطر الانقسام التي قد تنبني على ذلك حين قال: "دَبَّ إِلَيْكُمْ دَاءُ الْأُمَمِ قَبْلَكُمُ: الْحَسَدُ وَالْبَغْضَاءُ" بمعنى نحسند بعضنا دولنا على بعض، ونحسد بعض شعوبنا على بعض، ثم قال: "وَهِيَ الْحَالِقَةُ، وَلَكِنْ حَالِقَةُ الدَّيْنِ"، ثم فسر قائلا: لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين، فاستكمل:"وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَا تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا ، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا ، أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِمَا يُثْبِتُ ذَلِكَ لَكُمْ ؟ أَفْشُوا السَّلَامَ بينكم"، بمعنى رسخو السلام بينكم وعيشوا فيه معا.