اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار

ترمب وحدود المكسيك.. استراتيجية الالتفاف على القانون باستخدام الجيش لمواجهة أزمة الهجرة

البنتاجون
البنتاجون


في خطوة أثارت جدلاً قانونياً وسياسياً واسعاً، يعتزم الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب نقل ملكية أراضٍ فيدرالية شاسعة على طول الحدود مع المكسيك إلى وزارة الدفاع الأميركية، بهدف تحويلها إلى جزء من منشأة عسكرية. هذه الخطوة تهدف – بحسب مصادر مطلعة – إلى تمكين الجيش الأميركي من احتجاز المتسللين، بمن فيهم المهاجرون غير النظاميين، وهو ما يعد تصعيداً لافتاً في سياسات ترمب تجاه الهجرة وأمن الحدود.

المنطقة المعنية تعرف باسم "محمية روزفلت"، وتمتد بعرض 60 قدماً من ولاية نيو مكسيكو إلى كاليفورنيا، باستثناء المناطق التي تمر عبر أراضٍ قبلية أو مملوكة ملكية خاصة. وكانت المحمية تدار من قبل وزارة الداخلية، لكن بموجب مذكرة رئاسية أصدرها ترمب، تم نقل إدارتها إلى وزارة الدفاع، في خطوة غير مسبوقة تسعى لتوسيع نطاق صلاحيات الجيش داخل الأراضي الأميركية.

الهدف المعلن والخفي

الهدف الظاهري لهذه الخطوة هو تعزيز الأمن على الحدود الجنوبية من خلال تمكين الجيش من حماية منطقة محددة تُعتبر ذات طابع عسكري. غير أن تحليل الموقف يكشف عن هدف خفي أكثر عمقاً: التحايل على قانون فيدرالي صارم يمنع القوات المسلحة من أداء مهام إنفاذ القانون داخل البلاد. هذا القانون، المعروف بـ "بوسيه كوماتيتوس" (Posse Comitatus Act)، وُضع للحد من تدخل الجيش في الشؤون المدنية، ولا يجيز استخدامه في اعتقال أو ملاحقة المدنيين داخل الولايات المتحدة.

لكن إدارة ترمب سعت إلى استغلال ثغرة قانونية تعرف بـ "مبدأ الغرض العسكري"، والذي يتيح للقوات المسلحة أداء مهام معينة إذا كانت تلك المهام ضرورية لحماية منشأة عسكرية. من خلال اعتبار "محمية روزفلت" منشأة تابعة للجيش، تأمل الإدارة السابقة في تأطير تدخل الجيش كجزء من مهمة أمنية مشروعة لا تتعلق بإنفاذ القانون المدني بشكل مباشر.

مخاطر قانونية متوقعة

الخطوة لا تزال عرضة لطعن قضائي قوي، كما حذرت إليزابيث جويتين، الخبيرة في سلطات الطوارئ الرئاسية بمركز برينان للعدالة. وأكدت أن مجرد تصنيف الأرض كمنشأة عسكرية لا يعفي الحكومة من إثبات أن الهدف الأساسي لا يتعارض مع "مبدأ الغرض العسكري"، بل إنه سيكون من الصعب تبرير هذه الخطوة أمام القضاء إذا ثبت أن هدفها الفعلي هو تنفيذ القانون المتعلق بالهجرة، وهو ما يتعارض مع روح القانون الفيدرالي.

سياق أوسع للقرار

منذ بداية ولايته، جعل ترمب من أمن الحدود والهجرة غير النظامية محوراً لخطابه السياسي، وتبنّى مواقف متشددة، بدءاً من بناء الجدار الحدودي، وصولاً إلى إصدار قرارات تنفيذية مثيرة للجدل. لكن هذه الخطوة تمثل ذروة استخدام السلطات التنفيذية في هذا الملف، حيث لم يسبق أن تم نقل أراضٍ فيدرالية إلى وزارة الدفاع بغرض استخدام الجيش في اعتقال مدنيين داخل الأراضي الأميركية.

التداعيات المحتملة

1. توسيع صلاحيات الجيش داخلياً: الأمر يفتح الباب أمام سابقة خطيرة بتوسيع دور الجيش داخل البلاد، بما قد يؤثر على التوازن الدستوري بين السلطات.


2. مواجهات قانونية: من المرجح أن تتصدى المحاكم لهذه الخطوة، وقد يُعاد تعريف حدود صلاحيات الرئيس في حالات الطوارئ.


3. تأثير على العلاقات القبلية والخاصة: الأراضي التي تمر عبر أراضٍ مملوكة للقبائل قد تثير توترات قانونية وحقوقية إضافية.


4. تصعيد في سياسة الهجرة: استخدام أدوات عسكرية ضد المهاجرين قد يُعتبر انتهاكاً لحقوق الإنسان من قبل المنظمات الدولية.

ما بين الحاجة إلى تعزيز أمن الحدود والالتزام بمبادئ القانون المدني، يقف القرار في منطقة رمادية قانونية وأخلاقية. خطوة ترمب هذه ليست مجرد إجراء إداري، بل تمثل اختباراً حقيقياً لمدى مرونة الدستور الأميركي في مواجهة قرارات رئاسية توسعية، وتعيد طرح السؤال الأهم: إلى أي مدى يمكن لرئيس استخدام الجيش لتحقيق أهداف سياسية داخلية؟.

موضوعات متعلقة