اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار

النووي الإيراني بين التخصيب والتصعيد.. مفاوضات معقدة في ظل تهديدات متبادلة

البرنامج النووي الإيراني
البرنامج النووي الإيراني

تشهد العلاقات الأميركية–الإيرانية مرحلة دقيقة من التصعيد المشوب بالتفاوض، إذ تربط واشنطن أي اتفاق دبلوماسي مع طهران بمحددات صارمة تتعلق بتخصيب اليورانيوم وبرامج التسلح النووي. وفي هذا السياق، تتقاطع لغة التحذير الأميركي مع محاولات إيرانية لإظهار نوايا تفاوضية بناءة، فيما تزداد المخاوف من انزلاق الأمور نحو مواجهة مباشرة.

التحقق قبل الاتفاق.. المعضلة النووية

في تصريحات حادة، شدد المبعوث الأميركي للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، على أن آلية التحقق من نسبة تخصيب اليورانيوم ومكونات التسلح النووي هي أساس أي اتفاق محتمل. وبحسب ويتكوف، فإن تجاوز إيران لنسبة التخصيب المسموح بها (3.67%) – وبلوغها نسباً تتجاوز 20% وأحياناً 60% – أمر غير مقبول ويقوض ثقة المجتمع الدولي.

الجانب الأميركي يطالب بنظام تحقق "صارم للغاية"، يشمل الصواريخ وأنظمة التفجير المرتبطة بالقنابل النووية، وهو ما يعتبره كثير من المحللين تصعيداً في سقف المطالب الأميركية مقارنة بالاتفاق النووي السابق (JCPOA).

رسائل ضغط موازية للمفاوضات

الرئيس دونالد ترمب أعاد تفعيل خطابه الصدامي تجاه إيران، محذراً من "رد قاس" قد يصل إلى قصف المواقع النووية إذا فشلت المفاوضات، مؤكداً أن "إيران لا يمكن أن تحصل على قنبلة نووية". واعتبر أن الحل سهل من وجهة نظره، ولكنه مشروط بتخلي طهران الكامل عن برنامجها النووي العسكري.

ترمب لم يُخفِ استياءه من ما وصفه بـ"مماطلة الإيرانيين" واعتبر أن سببها هو اعتيادهم على التعامل مع إدارات أميركية ضعيفة، وهو تصريح لا يخلو من بعد انتخابي، إذ يحاول من خلاله إظهار الحزم مقابل ما يعتبره "ليناً" في الإدارات السابقة.

جولة أولى بنبرة إيجابية.. محاولة لكسر الجمود

رغم الخطاب التصعيدي، شهدت سلطنة عمان جولة أولى من المحادثات غير المباشرة بين طهران وواشنطن، وُصفت من الجانب الإيراني بأنها "بناءة وهادئة وإيجابية". إيران، وعلى لسان وزير خارجيتها عباس عراقجي، أكدت أن التركيز كان حصراً على الملف النووي ورفع العقوبات، بينما لم تُدرج قضايا أخرى على طاولة البحث.

ويبدو أن طهران تُراهن على إظهار مرونة محددة في الملف النووي مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية، دون تقديم تنازلات جوهرية في ملفات الصواريخ أو النفوذ الإقليمي، وهي استراتيجية اتبعتها في جولات سابقة من التفاوض.

جولة ثانية مرتقبة.. وتضارب في التصريحات

وزارة الخارجية الإيرانية أعلنت عن جولة تفاوض ثانية في عمان، يوم السبت 20 أبريل، ما يعكس رغبة في استمرار التواصل. لكن اللافت أن التصريحات تضاربت حول مكان الجولة، حيث تحدثت مصادر إيرانية عن احتمال عقدها في روما، مما يعكس وجود خلافات لوجستية أو سياسية في خلفية المشهد.

هذا التضارب يعكس أيضاً الهشاشة السياسية التي تحيط بهذه المحادثات، حيث تختلف الأطراف ليس فقط على البنود الجوهرية، بل حتى على تفاصيل إجرائية، ما قد يُنبئ بصعوبة بلورة اتفاق نهائي في وقت قريب.

الملف النووي الإيراني عاد إلى واجهة الأحداث مجدداً، في ظل تزاوج معقد بين التصعيد السياسي والعسكري وبين محاولات التفاوض. واشنطن تصر على ضمانات صارمة تمنع إيران من الوصول إلى العتبة النووية، بينما تحاول طهران الاستفادة من أي مساحة تفاوضية لتخفيف الخناق الاقتصادي دون التفريط بمكتسباتها التكنولوجية.

وبينما يلوّح ترمب بـ"البدائل السيئة" – في إشارة إلى الخيار العسكري – تتشبث طهران بموقعها التفاوضي مدعومة بدعم شعبي داخلي رافض لأي تنازل "مذل"، وفق التعبير الإيراني الرسمي.

الجولة القادمة من المحادثات ستكون اختباراً حقيقياً لجدية الطرفين، ولإمكانية التوصل إلى صيغة توازن دقيقة بين التخصيب المسموح والتسلح المحظور… لكن، وحتى ذلك الحين، ستبقى المنطقة تحت وقع تهديدات مفتوحة على كل الاحتمالات.

موضوعات متعلقة